من الْآحَاد، الَّتِي لَا تكَاد تبلغ مبلغ الاستفاضة، لَا فِي اللَّفْظ وَلَا فِي الْمَعْنى.
فَأَما قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : (لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا) ، فَلم يرد بِهِ جَمِيعهم، و " إِنَّمَا " أَرَادَ طَائِفَة مِنْهُم لَا بأعيانهم، ويقوى ذَلِك على نفي الْعُمُوم.
١٣٦٨ - على أَنا نقُول للنظام: أَلَسْت قلت فِي تَأْوِيل الْأَخْبَار الَّتِي تمسكنا بهَا أَن الْمَعْنى بهَا " فِي " أَن الْأمة لَا تَجْتَمِع على كفر وضلالة؟ فَمَا وَجه احتجاجك الْآن بِهَذَا الْخَبَر؟
١٣٦٩ - وَإِن كَانَ الِاحْتِجَاج من الإمامية، فَيُقَال لَهُم: أَلَيْسَ من أصلكم أَن قَول الإِمَام الْمَعْصُوم حجَّة قَاطِعَة؟ وَهُوَ مِمَّن تجب عصمته! فَبِمَ تنكرون أَنه دَاخل تَحت هَذِه المزاجر الَّتِي تمسكتم بهَا؟ فَإِن زَعَمُوا أَن لَا يدْخل تحتهَا، وَهُوَ مُسْتَثْنى مَخْصُوص عَن النَّاس، فَيَنْبَغِي أَن لَا ينكروا منا التَّخْصِيص أَيْضا.
١٣٧٠ - وَرُبمَا يسْتَدلّ منكروا الْإِجْمَاع، بِمَا قدمنَا من دَعْوَى اسْتِحَالَة الْإِجْمَاع، ووجوه اسْتِحَالَة النَّقْل عَن الْأمة وَإِن تصور إِجْمَاعهم، وَقد استقصينا القَوْل فِي ذَلِك بِمَا فِيهِ بَلَاغ.
١٣٧١ - فَإِن قَالُوا: مَا من أحد من أهل الْإِجْمَاع إِلَّا وَهُوَ بصدد الزلل، فَمَا بالهم إِذا اجْتَمعُوا خَرجُوا عَن هَذَا الْجَوَاز؟
وَالْجَوَاب عَن هَذَا أَن نقُول: مَا ذكرتموه يبطل عَلَيْكُم بِنَقْل أهل التَّوَاتُر الْأَخْبَار عَن المشاهدات، فَإِنَّهُ ثَبت صدقهم ضَرُورَة - والنظام لَا يُنكر ذَلِك - وكل وَاحِد مَوْصُوف بِأَنَّهُ لَو انْفَرد بِالنَّقْلِ جَازَ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute