١٣٨٩ - قَالَ القَاضِي رَضِي الله عَنهُ: ذكرنَا فِي بعض مصنفاتنا أَنا لَو قُلْنَا بذلك، لم يبعد حَتَّى نقُول: من أحَاط علما بِمَا يَقْتَضِي تَكْفِير قوم، فَهُوَ يقطع أَنه لَا يعْتد بخلافهم وَمن ذهب عَنهُ مدرك ذَلِك من عُلَمَاء الْأمة، فَهُوَ مُخَاطب بالاعتداد بخلافهم، وَهَذَا كَمَا أَن من بلغه النَّاسِخ، فَهُوَ مُخَاطب بِحكمِهِ، وَمن لم يبلغهُ النَّاسِخ، فَيجب عَلَيْهِ الْإِصْرَار على الحكم.
١٣٩٠ - قَالَ القَاضِي رَضِي الله عَنهُ: ثمَّ وضح عندنَا أَن ذَلِك محَال، فَإِن من دلّت الدّلَالَة على وجوب تكفيره، فَلَا يعْتَبر بِخِلَافِهِ فِي جملَة وَلَا تَفْصِيل، وَأما الْفُقَهَاء الَّذين ذهب عَنْهُم مدرك ذَلِك، فَلَا يخاطبون بالاعتداد بخلافهم، وَلَكنهُمْ مخاطبون بِأَن يَجدوا ويجتهدوا فِي مدرك أَوْصَاف من يعْتد " خِلَافه " ووفاقه، وليعلموا مَا يَقع بِهِ التَّكْفِير، ليتميز الْمَقْصد فِي ذَلِك، فَإِن هَذَا مَا يقدر عَلَيْهِ ويتوصل إِلَيْهِ، إِذْ لَو لم نقل ذَلِك، لزمنا أَن نقُول: قد ينْعَقد الْإِجْمَاع مَقْطُوعًا بِهِ فِي حق الْمُتَكَلِّمين، وَهُوَ غير مَقْطُوع مُنْعَقد فِي حق الْفُقَهَاء، وَهَذَا مَا لَا سَبِيل إِلَيْهِ، فَإِن الْإِجْمَاع لَا يَتَبَعَّض فِي انْعِقَاده وَلَيْسَ كَذَلِك الَّذِي لم يبلغهُ النَّاسِخ، فَإِنَّهُ غير مقتدر على الْوُصُول إِلَيْهِ، وَالْفُقَهَاء موصوفون بالاقتدار على الْوُصُول إِلَى مُوجب التَّكْفِير، فليجدوا فِيهِ وليحضوا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُم " موصوفون " بالاقتدار عَلَيْهِ على قرب، حَتَّى لَا " يضْطَر " إِلَى تبعيض حكم الْإِجْمَاع، فَيحكم من خص بالأصول بانعقاد الْإِجْمَاع فِي مَسْأَلَة لَعَلَّه بِأَنَّهُ لم يبْق فِيهَا إِلَّا الَّذين تَقْتَضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute