.. وَكنت جذلان من فرحي بِوُجُودِهِ ... والآن صرت بعد نشوتي خَادِم
كأنني الطير وَقد بقى بعد ... ذهَاب الخوافي مِنْهُ والقوادم
مَا مَجْنُون وَقيس قاسيا مَا ... قاسيته من هَذِه العظائم
طَال مَا رقيته وطائر طر ... فِي لرؤياه بَات حائم ...
وَمِنْهَا ... مَا لقلبي غَيره يداويه ... وَلَا لدائي سواهُ حاسم
نسمَة سرت لي من عِنْده ... ويلاه مَا أطيب تِلْكَ النسائم
نفثت بسرها فِي سراء يرى ... فاستنشق ذَلِك مني الخياشم
اهدت الي علومه ونوره ... ايقظتني وَكنت نَائِم
علمتني الْهوى وفنونه ... تَرَكتنِي بِشَأْنِهِ حَازِم
فَكنت فِي دين الْهوى قدوة ... من شجوي ناحت الحمائم
وغصت فِي بحره فَزَالَ الظما ... وعدت من بعد جهلي بِهِ عَالم
وفزت من سري بِمَا رمته ... وصرت من بعد غبني بِهِ غَانِم
شغفي بِهِ لَا يُقَاس أبدا ... فَكَأَنَّمَا هُوَ وَايْم الله حَاتِم
حبي بِهِ لَا يحد حَده ... دمعي ازرى بفيض الغمائم
وغرامي فِيهِ لَا يكون لَهُ نَظِير ... نعم قد حَكَاهُ الْبَحْر المتلاطم
مَا مر بِي صبح وَلَا مسا ... إِلَّا وَذكره على قلبِي جاثم
شابهت الخنسا فِي شجوي ... بل شابهتني فِي وجدي الملازم
كل يَوْم عِنْدِي من حزني ... كَمثل كربلا ومآتم
مولَايَ ناداك عبد إِلَى ... علياك مَا زَالَ ينظر دَائِم
من أَرض الْهِنْد يُرِيد الْقرى ... وَأَنت بِكُل مَا يرويهِ عَالم
حاشا علاهُ حاشاه إِن ... يحرم الراجي لَهُ المكارم ...
وَمِنْهَا ... لقد أصبت بفقده مصاباً ... مَا أَظن أُصِيب بِمثلِهِ العوالم
لهفي عَلَيْهِ إِن فَضله ... يعجز عَن شَرحه كل ناثرٍ وناظم
لذا لَا يفارقني أسفي أبدا ... وَلَا يزَال دمع الْعين مني ساجم
اني وَإِن أجهدت طاقتي ... عَسى أَن أكون بِبَعْض حَقه قَائِم
اعزي بِهِ الدُّنْيَا بأسرها ... ان عزاهُ حَقًا فِي كل العوالم ...