وَفِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَعشْرين توفّي الشَّيْخ الْكَبِير الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ على بن أبي بكر رَضِي الله عَنْهُم بتريم وَدفن بهَا وَكَانَ مولده سنة خمسين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ من الْأَوْلِيَاء العارفين والمشايخ الصَّالِحين زاهداً عابداً
وَحكي من مجاهداته أَنه كَانَ وَهُوَ صَغِير يخرج هُوَ وَابْن عَمه الشَّيْخ أَبُو بكر العيدروس إِلَى شعب من شعاب تريم يُقَال لَهُ النعير بعد مُضِيّ نصف اللَّيْل فينفرد كل مِنْهُمَا يقْرَأ عشرَة أَجزَاء فِي صَلَاة ثمَّ يرجعان إِلَى منازلهما قبل الْفجْر وَقَرَأَ الْأَحْيَاء على وَالِده أَرْبَعِينَ مرّة وَبَلغنِي أَنه كَانَ يغْتَسل لكل فرض وَمن مشايخه أَبوهُ الشَّيْخ عَليّ والفقيه مُحَمَّد بن أَحْمد أَبَا فضل الْعَدنِي والفقيه عبد الله بن عبد الرَّحْمَن أَبَا الْحَاج أَبَا فضل والفقيه الدوسري وَكَانَ يحفط الْحَاوِي فِي الْفِقْه للقزويني والوردية فِي النَّحْو وَاجْتمعَ بالشيخ الْعَلامَة الصَّالح يحيى العامري وَله مِنْهُ اجازة
وَحكى أَنه لما اجْتمع بالشيخ العامري وَكَانَ مَعَه ابْن عَمه الشَّيْخ أَبُو بكر العيدروس فَالْتَمَسَا مِنْهُ أَن يريهما مَوضِع الْأَصَابِع النَّبَوِيَّة من ظَهره فكشف لَهما عَنْهَا فرأوها بالعيان
وَقَرِيب من هَذَا مَا أخبرنَا بِهِ صاحبنا الشَّيْخ الْعَلامَة البسكري قَالَ كَانَ عندنَا رجل من أهل الغرب يعلم الْقُرْآن وَكَانَ يُغطي احدى يَدَيْهِ فَلَا يكشفها لأحد فَسَأَلَهُ بَعضهم عَن السَّبَب فِي ذَلِك فَأبى أَن يُخبرهُ بِهِ فالح عَلَيْهِ فِي ذَلِك فَقَالَ كنت شَاعِرًا وامتدحت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بجملة قصائد ثمَّ اتّفق ان قلت قصيدة امتدحت بهَا بعض أهل الدُّنْيَا فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم وَهُوَ يعاتبني على ذَلِك ثمَّ أَمر بِقطع يَدي فَقطعت فشفع فِي الصّديق رَضِي الله عَنهُ فشفعه والتحمت فَعَادَت كَمَا كَانَت فانتبهت والعلامة ظَاهِرَة فِي يَدي ثمَّ كشف لَهُ عَن يَده فَإِذا مَحل الْقطع نور يتلألأ
وَمِمَّنْ أَخذ عَن الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن عَليّ من كبار الْعلمَاء الْفَقِيه عبد الله بن مُحَمَّد بن سهل أَبَا قُشَيْر والفقيه عمر أَبَا شَيبَان وَكَانَ مشاركاً فِي جَمِيع الْعُلُوم لَكِن غلب عَلَيْهِ علم التصوف وَكَانَ يقْرَأ لابي عَمْرو وَنَافِع وَيقْرَأ لعاصم بِرِوَايَة حَفْص