وَفِي لَيْلَة السبت لخمس وَعشْرين خلت من رَمَضَان سنة تسعين توفّي الشَّيْخ الْكَبِير وَالْعلم الشهير الشريف القطب الْعَارِف بِاللَّه شيخ بن عبد الله ابْن شيخ بن الشَّيْخ عبد الله العيدروس باحمد اباد وَدفن بهَا فِي صحن دَاره وَبني عَلَيْهِ قبَّة عَظِيمَة وَمن أحسن تواريخ وَفَاته تَارِيخ صاحبنا الْفَقِيه عبد الله بن أَحْمد بن فلاح الْحَضْرَمِيّ وَقد نظمه فِي بَيْتَيْنِ فَقَالَ ... أرخت نقلة سَيِّدي ... شمس الشموس العيدروس
فَانْظُر تَجِد تَارِيخه ... القطب هُوَ شمس الشموس ...
ولفضلاء الْآفَاق فِيهِ جملَة مستنكرة ة من المراثي وَمن غَرِيب الِاتِّفَاق أَنه قبيل مَوته بِنَحْوِ شَهْرَيْن كَانَ أَمر بتحصيل رِسَالَة فِي مَنَاقِب الإِمَام النَّوَوِيّ رَحمَه الله ثمَّ أَمر بمقابلتها بَين يَدَيْهِ وَكَانَ مؤلفها ذكر فِيهَا جملَة من المراثي الَّتِي قيلت فِي الإِمَام فَقَالَ ذَات يَوْم أَن المراثي إِذا قَرَأت لَا بُد أَن يَمُوت أحد فاتفق أَن مَاتَ بعد ذَلِك ورثي بمراثي كَثِيرَة حَتَّى أَنِّي لم أر أحدا رثي بِهَذَا الْقدر مِنْهَا سوى الَّتِي ذكرهَا فِي تِلْكَ الرسَالَة من مراثي الإِمَام النَّوَوِيّ وَكَانَ مولده سنة تسع عشرَة وَتِسْعمِائَة بتريم
وَرُوِيَ عَن الشَّيْخ الْكَبِير الْوَلِيّ الشهير شهَاب الدّين أَحْمد بن الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن أَنه كَانَ يَقُول عَاد أهل حَضرمَوْت يودون فِيهِ نظرة ويخص بِهِ أهل بلد بعيد من أهل الْمشرق وَكَانَت مُدَّة أقامته بِالْهِنْدِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ سنة لِأَنَّهُ دَخلهَا سنة ثَمَان وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ شَيخا كأسمه وكما قَالَ فِيهِ بعض الصلحاء فِي وَصفه وَلَقَد صَار بِحَمْد الله شيخ زَمَانه بِاتِّفَاق عارفي وقته وَقد ألهم الله أَهله حَيْثُ سموهُ شَيخا قبل أَوَانه وَوَقته وَذَلِكَ لتحَقّق وراثته من متبوعه كَمَا ألهم الله آل النَّبِي الْمُصْطَفى لتسميته مُحَمَّدًا قبل تجلي صِفَاته الحميدة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَارَ هَذَا الأسم الشريف يصدق فِيهِ من أَربع حيثيات أَحدهَا أَنه أُسَمِّهِ وَثَانِيها انه بلغ فِي السن حد الشيخوخة وَثَالِثهَا انه شيخ أهل التصوف فِي زَمَانه وَرَابِعهَا أَنه شيخ طلبة الْعلم فِي الْعُلُوم الظَّاهِرَة فَهُوَ شيخ أسماً ووصفاً على كل تَقْدِير