مَعَ الأتراك حَتَّى آلى ذَلِك آخرا إِلَى تحاسدهم فِيمَا بَينهم وَاخْتِلَاف كلمتهم فَأدى ذَلِك إِلَى انْقِرَاض ملكهم وَزَوَال شوكتهم وانتقال الدولة عَنْهُم إِلَى غَيرهم فَأخذ الْبِلَاد المغول على عهد السُّلْطَان مظفر وَقد مر تَارِيخ ذَلِك وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فزالوا كَأَن لم يَكُونُوا وَلم يبْق إِلَّا أخبارهم الجميلة ومآثرهم الجليلة ... كَأَن لم يكن بَين الْحجُون إِلَى الصَّفَا ... أنيس وَلم يسمر بِمَكَّة سامر ...
وَحكى أَن يحيى ابْن خَالِد الْبَرْمَكِي رحجمه الله تَعَالَى سمع رجلا قَائِما ينشد هَذَا الْبَيْت فَأَجَابَهُ أحد ... بِلَاد نَحن كُنَّا أَهلهَا فأبادها ... صروف اللَّيَالِي والحدوث العواثر ...
فسبحان من يقلب الْأُمُور وَلَا يتَغَيَّر بِتَغَيُّر الدهور وَتَعَالَى من لَا يزوزل ملكه وَلَا يذهب سُلْطَانه
وفيهَا توفّي قطب شاه شسلطان كلكنده وَكَانَ عادلاً كَرِيمًا إِلَّا أَنه كَانَ غالياً فِي التشييع رَحمَه الله
وفيهَا دخل سَيِّدي الشَّيْخ مُحَمَّد العيدروس إِلَى الْهِنْد وَفَرح سَيِّدي الْوَالِد بوصوله جدا وَأَنْشَأَ هَذِه القصيدة ... أَلا يَا مرْحَبًا بالعيدروس ... جمال الدّين محيي النُّفُوس
مُحَمَّد بن عبد الله جئْتُمْ ... إِلَيْنَا مرْحَبًا شمس الشموس
فأهلاً ألف سهلاً ألف مرحب ... ظفرتم زَالَ عَنْكُم كل بوس
كسيتم مكن جمال الْقُدس وهباً ... وجللتم بمحول بِهِ فدوس
أَلا فابشر وَبشر كل حب ... ومحجبوب بجائزة عروس
إِلَّا فَاشْرَبْ هَنِيئًا من سلاف ... بِنور الله ديرت فِي الكؤوس
مُعتقة لنا من نور كرم ... شربناها على رغم القسوس
شراب الْقَوْم لَا يدريه فدم ... وَلَا من يَدعِي نقل الدُّرُوس
قدومك حَافظ للشمل فاجمع ... بِنَا يَا رَبنَا تَاج الرؤوس
وعاف اغْفِر وَسلم واعف واستر ... بخاتمة لنا من غير بوس ...