والواردين حِيَازَة لنشر الْعلم والفوز بعلاه ومدده صادعا فَوق رُؤُوس الأشهاد ليعلم الْحَاضِر والباد أَن من يبع نَفسه لمولاها يقطعهَا عَن سَائِر الْأَغْرَاض إِلَى حِيَازَة الْعُلُوم وأولاها الَّتِى آل التغفل عَنْهَا إِلَى اندراسها والتشاغل بالحظوظ الفانية إِلَى تزلزل قواعدها وأساسها منادياً فِي كل مجمع وناد وَسمر وعداد عباد الله هلموا إِلَى شرف الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإِنَّهُ لَا طَرِيق أقرب فِي الْوُصُول إِلَى الله من الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة المنزهة من أَن يشوبها أدنى شوب من المطامع الدُّنْيَوِيَّة وَمن ثمَّ قَالَ أَئِمَّة الْفِقْه والعرفان كَالْإِمَامِ الْأَعْظَم أبي حنيفَة النُّعْمَان ان لم تكن الْعلمَاء أَوْلِيَاء فَلَيْسَ ببه ولي فِي زمن من الْأَزْمَان لكِنهمْ لم يُرِيدُوا صور الْعلم بل حقائق تَطْهِير الْقُلُوب ثمَّ ملأها من معارف الْقَوْم دون شقاشق أهل الرسوم وكما أَن للصوفية سياحات لَا بُد مِنْهَا كَذَلِك لأئمة السّنة حالات لَا يسْتَغْنى أَكْثَرهم عَنْهَا وشتان مَا بَينهمَا شتان لِأَن نفع تِلْكَ قَاصِر على أَهلهَا وَهَذِه عَامَّة النَّفْع وَالْإِحْسَان وَلذَا دَعَا لَهُم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأعظم دَعْوَة وحباهم عَن غَيرهم بِأَفْضَل حبوة فَقَالَ نضر الله امْرَءًا سمع مَقَالَتي فوعاها فأداها كَمَا سَمعهَا وَمَعَ هَذَا الْعُلُوّ الشامخ والشرف الراسخ تقهقر الزَّمَان فركدت الهمم لاسيما عَن هَذَا الْعلم الْعلي الشَّأْن حَتَّى كَاد النَّاس بعد أَن فقدتالرحلة فِي طلب الاسناد إِلَى شاسع الأقطار يطْلبُونَ الْإِجَازَة بالاستدعاء بِالْكِتَابَةِ من الأساتذة الْبعدَاء الديار وَأما الْآن فقد زَالَ ذَلِك التقاحم فِي طلبه وَنسي هذاالتزاحم فِي نيل رتبه وتقاعدت عَنهُ الهمم إِلَى الْغَايَة فاخلدت إِلَى أَرض شهواتها عَن طلب الدِّرَايَة وَالرِّوَايَة وَذهب المسندون الجلة وَمن كَانَت تزدهي يوجودهم الْملَّة شعر ... كَانَ لم يكن بَين الجحون إِلَى الصَّفَا ... أنيس وَلم يسمر بِمَكَّة سامر ...
لَكِن بِحَمْد الله تَعَالَى قد بقى من آثَارهم بقايا وَفِي زَوَايَا الزَّمَان مِمَّا تحمل عَنْهُم خبايا وَأَنا أَرْجُو أَن أكون إِن شَاءَ الله من متبعيهم بِحَق ووارثيهم بِصدق لِأَنِّي أَخَذته رِوَايَة واتقنته دراية عَن الْأَئِمَّة المسندين مِمَّن يضيق الْمقَام عَن استيعابهم ويحجب الِاقْتِصَار على مسانيد أشهر مشاهيرهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute