إِلَى عَالم الاجساد والتمايز حِينَئِذٍ أتم واظهر فاختص صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِزِيَادَة إِظْهَار شرفه حِينَئِذٍ ليتميز على غَيره تميزاً اعظم وَأتم
وَأجَاب الْغَزالِيّ عَن وَصفه نَفسه بِالنُّبُوَّةِ قبل وجود ذَاته وَعَن خبر {أَنا أول الْأَنْبِيَاء خلقا وَآخرهمْ بعثاً بَان المُرَاد بالخلق هُنَا التَّقْدِير لَا الإيجاد فانه قبل ان تحمل بِهِ أمه لم يكن مخلوقاً مَوْجُودا وَلَكِن الغايات والكمالات سَابِقَة فِي التَّقْدِير لاحقة فِي الْوُجُود فَقَوله كنت نَبيا أَي فِي التَّقْدِير قبل تَمام خلقَة آدم إِذْ لم ينشأ إِلَّا لينتزع من ذُريَّته مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتحقيقه ان للدَّار فِي ذهن المهندس وجودا ذهنياً سَببا للوجود الْخَارِجِي وسابقاً عَلَيْهِ فَالله تَعَالَى يقدر ثمَّ يُوجد على وفْق تَقْدِير بانيها انْتهى مُلَخصا
وَذهب السُّبْكِيّ إِلَى مَا هُوَ أحسن وابين وَهُوَ انه جَاءَ ان الْأَرْوَاح خلقت قبل الأجساد فالاشارة ب كنت نَبيا إِلَى روحه الشَّرِيفَة أَو حَقِيقَة من حقائقه لَا يعلمهَا إِلَّا الله وَمن حباه الِاطِّلَاع عَلَيْهَا ثمَّ انه تَعَالَى يُؤْتِي كل حَقِيقَة مِنْهَا مَا شَاءَ فِي أَي وَقت شَاءَ فحقيقته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد تكون من حِين خلق آدم عَلَيْهِ السَّلَام أَتَاهَا الله ذَلِك الْوَصْف بَان خلقهَا متهيئة لَهُ وافاضه عَلَيْهَا من ذَلِك الْوَقْت فَصَارَ نَبيا وَكتب اسْمه على الْعَرْش ليعلم مَلَائكَته وَغَيرهم كرامته عِنْده فحقيقته مَوْجُودَة من ذَلِك الْوَقْت وان تَأَخّر جسده الشريف المتصف بهَا فنحو ايتائه النُّبُوَّة وَالْحكمَة وَسَائِر أَوْصَاف حَقِيقَته وكمالاتها معجل لَا تَأَخّر فِيهِ وَإِنَّمَا الْمُتَأَخر تكونه وتنقله فِي الأصلاب والأرحام والطاهرة إِلَى ان ظهر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن فسر ذَلِك بِعلم الله بِأَنَّهُ سيصير نَبيا لم يصل لهَذَا الْمَعْنى لَان علمه تَعَالَى مُحِيط بِجَمِيعِ الْأَشْيَاء فالوصف بِالنُّبُوَّةِ فِي ذَلِك الْوَقْت يَنْبَغِي ان يفهم مِنْهُ انه أَمر ثابة لَهُ فِيهِ وَإِلَّا لم يخْتَص بِأَنَّهُ نَبِي اذ الْأَنْبِيَاء كلهم كَذَلِك بِالنِّسْبَةِ لعلمه تَعَالَى
وَأخرج ابْن سعد عَن الشّعبِيّ مَتى أستنبئت يَا رَسُول الله قَالَ وآدَم بَين الرّوح والجسد حِين اخذ مني الْمِيثَاق وَهُوَ يدل على ان آدم عَلَيْهِ السَّلَام لما صور طيناً استخرج مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنَبِي اخذ مِنْهُ الْمِيثَاق ثمَّ أُعِيد إِلَى ظَهره ليخرج أَوَان وجوده فَهُوَ أَوَّلهمْ خلقا وَخلق آدم السَّابِق كَانَ مواتاً لَا روح فِيهِ وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ حَيا حِين استخرج وَنَبِي