أَبُو بكر بن أبي حَرْبَة يَقُول كل الْمَشَايِخ خَلفهم فِي بركَة سلفهم إِلَّا بني حشيبر فان سلفهم فِي بركَة خَلفهم وَهُوَ الْفَقِيه عَليّ بن أَحْمد وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن حشيبر كَانَ فَقِيها عَالما عَارِفًا كَامِلا صَاحب كرامات عَظِيمَة
ويحكى ان وَالِده ذهب بِهِ إِلَى الشَّيْخ أبي الْغَيْث بن جميل يلْتَمس مِنْهُ الدُّعَاء وَهُوَ اذ ذَاك صبي فكشف لَهُ عَن عينين للشَّيْخ أبي الْغَيْث فِي قَفاهُ يبصره بهما فَاعْلَم وَالِده بذلك وَاعْلَم وَالِده الشَّيْخ أبي الْغَيْث فَقَالَ الشَّيْخ وَالله يَا وَلَدي مَا رآهما أحد غَيْرك ثمَّ نوه باسمه وعظمه وَمن كَلَامه رَأس مَال الْفَقِير الثِّقَة بِاللَّه تَعَالَى وافلاسه الركون إِلَى خلق الله وَمِنْه يَا اسراء الهمم الارضية وارقاء النُّفُوس الَّتِي غير مرضية هَذِه الجادة فاين السالكون ابعد الْعين ايْنَ
وَكَانَت وَفَاته سنة ثَمَان عشرَة وَسَبْعمائة بِبَلَدِهِ وَهِي قريبَة من بَيت حُسَيْن الْمَدِينَة الْمَشْهُورَة
قلت فَلَمَّا خربَتْ بَيت حُسَيْن على يَد بني حفيص وانتهكت فِيهَا الْمَحَارِم ونهبت الزوايا الَّتِي فِيهَا وَقتل جمَاعَة من بني عُبَيْدَة على جَامع بني حفيص وَذَلِكَ فِي سنة اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة انْتقل غَالب سكانها إِلَى بَيت الْفَقِيه ابْن حشيبر وَصَارَت مَدِينَة عَظِيمَة وَهِي مُحْتَرمَة معظمة يَأْمَن بهَا الْخَائِف وَمِنْهُم مُحَمَّد بن حسن بن مُحَمَّد بن عمر بن حشيبر كَانَ فَقِيها عَالما شَيخا صوفياً كَامِلا سُئِلَ عَن قَول الشبلي ... اسائل عَن ليلى وَهل من خبر ... يكون لَهُ علم بهَا أَيْن تنزل ...
فَأَجَابَهُ بقوله ... تحل قُلُوب العارفين إِذا صفت ... وَلَيْسَ لَهَا قلب سواهن منزل ...
قلت وَقَرِيب من هَذَا مَا حَكَاهُ صاحبنا الشَّيْخ الْعَلامَة شهَاب الدّين أَحْمد بن الْوَلِيّ الْعَلامَة مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم أَبَا جَابر رَحِمهم الله قَالَ كنت سائراً إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فَلَمَّا كَانَ فِي بعض اللَّيَالِي تذكرت فِي نَفسِي الْأَصْحَاب وعظمت عَليّ مفارقتهم وَاشْتَدَّ عَليّ أَمر الاغتراب فتمثلت