فَإِن قيل لَهُ احملها وَلَك ألف دِرْهَم أَو دَنَانِير فثار فِيهِ فَرح تِلْكَ الدَّنَانِير حَتَّى أَخذ من قرنه إِلَى قدمه بِمَا رجا نواله فَوجدَ من الْقُوَّة من قلبه فاحتملها مسرعا فِي السّير وَأظْهر من نَفسه قُوَّة فَإِنَّمَا قواه على ذَلِك فَرح الدَّنَانِير فَهَذَا مثل عبد حمل رَجَاء الثَّوَاب والنوال
وَلَو لم يقل لَهُ لَك دَنَانِير ترجو نوالها وَلَكِن قَالَ لَهُ احملها وَإِلَّا ضربتك بِالسَّيْفِ فَوجدَ من الْقُوَّة مَا احتملها واستخف بهَا من خوف السَّيْف فَهَذَا عبد عمل على خوف الْوَعيد وَالْعِقَاب
وَلَو لم يكن هُنَاكَ طمع وَلَا خوف وَلَكِن قيل لَهُ احملها فَتَلَكَّأَ وحرن وَأظْهر الْعَجز عَنْهَا فَقيل لَهُ أَتَدْرِي أَن هَذِه الحمولة لمن قَالَ لَا فَقيل هِيَ لفُلَان فَذكر رجل أعز الْخلق عَلَيْهِ وأحبهم إِلَيْهِ فهاج من حبه فِي قلبه مَا نسى الدَّنَانِير وَالسيف وأخذته من الْحُرْمَة لذَلِك الرجل وَالْحيَاء مَا لَا يجد من نَفسه ترك حمولته