فَلَمَّا خلقهمْ للرحمة أَعْطَاهُم ثمن النِّعْمَة وَهُوَ الِاعْتِرَاف بِأَن النعم كلهَا من الله تَعَالَى وَذَلِكَ كلمة الْحَمد فصير توحيده فِي كلمة لَا إِلَه إِلَّا الله وتنزيهه فِي سُبْحَانَ الله وتعظيمه فِي الله أكبر وشكر نعمه فِي الْحَمد لله
حَدثنَا سُلَيْمَان بن الْعَبَّاس الْهَاشِمِي أخبرنَا عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (رَأس الشُّكْر الْحَمد لله وَمَا شكر الله عَبده إِلَّا بِحَمْدِهِ) فالشكر أَصله فِي الْقلب وَمَعْرِفَة العَبْد بربه أَنه لَا شريك لَهُ وفرعه على اللِّسَان وَهُوَ كلمة لَا إِلَه إِلَّا الله وتحقيقه فِي الطَّاعَات فَمن أَكثر قَول لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِنَّهُ يحط خطاياه وَمن أَكثر من قَول الْحَمد لله فَإِنَّهُ يحط عَن نَفسه أثقال الشُّكْر فَعلمنَا رَبنَا هَذِه الْكَلِمَة فنرددها على الْأَلْسِنَة حَتَّى نَكُون فِي مِثَال مَا مر بِنَا من الْمثل فنكون بِمَنْزِلَة من يَأْخُذ من حريفه الشَّيْء بعد الشَّيْء فَإِذا اجْتمع أدّى قَلِيلا قَلِيلا ثمَّ يتْرك الْأَدَاء بغفلة حَتَّى يركبه الدّين ويثقل عَلَيْهِ فيعجز عَن الْأَدَاء كَمَا كَانَ هَا هُنَا إِذا اجْتمع عَلَيْهِ الْحساب وتراكم فَلم يقْض انْقَطع وَلم يُعْط النعم فَإِذا تراكمت وَلم يواتر العَبْد بِكَلِمَة الْحَمد لم يَأْمَن انْقِطَاع النعم فرحم