للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ابن السري الزجاج يقول: دخلت على ثعلب في أيام المبرد وقد أملى شيئا من المُقْتَضَب فسلّمتُ عليه وعنده أبو موسى الحامِض وكان يَحْسُدني كثيرا ويُجَاهِرُني بالعدَاوة وكنتُ أَلِينُ له وأحْتَمِلُه لموضع الشَّيْخُوخَة.

فقال ثعلب: قد حَمل إليَّ بعضَ ما أَمْلَاهُ هذا الخلدي فرأيتُه لا يَطُوعُ لسانُه بعبارة فقلت له / إنه لا يَشُكُّ في حُسْن عِبارته اثنان ولكنَّ سوءَ رأيك فيه يَعيبُه عندك فقال ما رأيته إلا أَلْكَن متفلقا فقال أبو موسى: والله إن صاحبَكم ألكَنَُ.

يعني سيبويه فأحْفَظني ذلك.

ثم قال: بلغني عن الفرَّاء أنه قال: دخلت البَصْرة فلقيتُ يونس وأصحابه يذكرونه بالحِفْظِ والدراية وحُسنِ الفِطْنة وأتيتُه فإذا هو لا يفصح. وسمعته يقول كجارته: هاتي ذِيكِ الماءَ من ذلكِ الجرَّة فخرجتُ عنه ولم أَعُد إليه. فقلت له: هذا لا يصحُّ عن الفراء وأنتَ غيرُ مأمون في هذه الحكاية ولا يعرفُ أصحاب سيبويه من هذا شيئا. وكيف يقول هذا مَنْ يقول في أول كتابه: هذا بابُ علم ما الكَلِم من العربية وهذا يعجِز عن إدراك فهمه كثيرة من الفُصَحاءِ فضلا عن النُّطق به.

فقال ثعلب: قد وجدتُ في كتابه نحو هذا.

قلت: ما هو قال: يقول في كتابه في غير نُسْخَة: حاشا حرفٌ يخفِضُ ما بعدَه كما تَخْفِضُ حتى وفيها مَعْنى الاستثناء.

فقلتُ له: هذا هكذا وهو صحيح ذهب في التذكير إلى الحرْف وفي التأنيث إلى الكلمة.

قال: والأجود أن يُجْعلَ الكلام على وجْهٍ واحد.

قلت: كلٌّ جيد.

قال الله تعالى: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ ورسولهِ ويَعْمَل صالحا وقرىء {وتعمل صالحا} . وقال تعالى {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إلَيْكَ} ذهب إلى المعنى ثم قال: (ومِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إلَيْكَ) ذهب إلى اللفظ.

وليس لقائل أن يقول: لو حُمِل

<<  <  ج: ص:  >  >>