للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالمجازلأن الأسماء لا تدل على مدلولاتها لذاتهاإذ لا مُناسبة بين الاسمِ والمسمَّى ولذلك يجوز اختلافها باختلاف الأمم ويجوز تغييرها والثوب يسمى في لغة العرب باسم وفي لغة العَجَم باسم آخر ولو سمي الثوب فرساوالفرس ثوبا ما كان ذلك مستحيلابخلاف الأدلة العقلية فإنها تدل لذواتهاولا يجوز اختلافهاأما اللغة فإنها تدلُّ بوضعٍ واصطلاح والعرب نطقَتْ بالحقيقة والمجاز على وجهٍ واحدٍ فجعلُ هذا حقيقة وهذا مجازا ضربٌ من التحكم فإن اسمَ السبع وضع للأسد كما وضع للرجل الشجاع.

وطريق الجواب عن هذا أنا نسلم له أن الحقيقةَ لا بدَّ من تقديمها على المجازفإن المجاز لا يُعْقل إلا إذا كانت الحقيقة موجودة ولكن التاريخَ مجهولٌ عندنا والجهلُ بالتاريخ لا يدلُّ على عدم التقديم والتأخير.

وأما قوله: إنَّ العربَ وضعت الحقيقة والمجاز وضعا واحدا فباطلبل العربُ ما وَضعت الأسد اسما لعين الرجل الشجاعبل اسم العَين في حق الرجل هو الإنسانُ ولكن العربَ سمَّت الإنسانَ أسدا لمشابهته الأسد في معنى الشجاعة فإذا ثبت أن الأسامي في لغة العرب انقسمت انقساما معقولا إلى هذين النوعينفسمينا أحدهما حقيقة والآخر مجازافإن أنكَرَ المعنى فقد جحد الضرورة وإن اعترف به ونازع في التسمية فلا مشاحة في الأسامي بعد الاعتراف بالمعانيولهذا لا يفهَم من مُطْلَق اسم الحمار إلا البهيمة وإنما ينصرف إلى الرجل بقرينة ولو كان حقيقة فيهما لتناولهما تناولا واحدا.

انتهى.

وقال إمام الحرمين في (التلخيص) والغزالي في (المنخول) : الظن بالأستاذ أنه لا يصح عنه هذا القول.

وقال التاج السبكي في شرح منهاج الأصول: نقلت من خط ابن الصلاح أن أبا القاسم بن كج حكى عن أبي علي الفارسي إنكارَ المجاز كما هو المحكي عن الأستاذ.

قلت: هذا لا يصحُّ أيضافإن ابنَ جني تلميذُ الفارسي وهو أعلم الناس بمذهبه ولم يحكِ عنه ذلك بل حكى عنه ما يدلُّ على إثباته.

قال ابن السبكي: وليس مرادُ مَنْ أنكرَ المجازَ في اللغة أن العربَ لم تَنْطق بمثل

<<  <  ج: ص:  >  >>