فقد بَان لَك أَن الْحيَاء يكسر وَيذْهب بِالْقُوَّةِ والجلادة والصلابة من النَّفس وَإِذا كَانَ ذَلِك يُقَوي الْقلب لِأَن الْحيَاء من الْحَيَاة بِاللَّه والحياة بِاللَّه من نفس الْمعرفَة فَأَما مَا ذكرنَا من شَأْن المجبول على خلق وَمن شَأْن الممنوح المتخلق بِهِ فَروِيَ عَن الْعَلَاء بن كثير أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن محَاسِن الْأَخْلَاق مخزونة عِنْد الله فَإِذا أحب الله عبدا منحه مِنْهَا خلقا حسنا أَو خلقا صَالحا
وَعَن هود الْعَبْدي القصري عَن جده قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحدث أَصْحَابه إِذْ قَالَ لَهُم إِنَّه سيطلع عَلَيْكُم من هَذَا الْوَجْه ركب هم من خير أهل الْمشرق فَقَامَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَتوجه فِي ذَلِك الْوَجْه فلقي ثَلَاثَة عشر رَاكِبًا فَرَحَّبَ وَقرب وَقَالَ من الْقَوْم قَالُوا نفر من عبد الْقَيْس قَالَ فَمَا أقدمكم هَذِه الْبِلَاد التِّجَارَة قَالُوا لَا قَالَ أفتبيعون سُيُوفكُمْ هَذِه قَالُوا لَا فلعلكم إِنَّمَا قدمتم فِي طلب هَذَا الرجل قَالُوا أجل فَمشى مَعَهم يُحَدِّثهُمْ حَتَّى إِذا نظر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَذَا صَاحبكُم الَّذِي تطلبونه فَرمى الْقَوْم بِأَنْفسِهِم عَن رحالهم فَمنهمْ من سعى وَمِنْهُم من هرول وَمِنْهُم من مَشى حَتَّى أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذُوا بِيَدِهِ فقبلوها وقعدوا إِلَيْهِ وَبَقِي الْأَشَج هُوَ أَصْغَر الْقَوْم فَأَنَاخَ الْإِبِل وعقلها وَجمع مَتَاع الْقَوْم ثمَّ أقبل يمشي على تؤدة حَتَّى أَتَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَأخذ بِيَدِهِ فقبلها فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيك خصلتان يحبهما الله وَرَسُوله قَالَ وَمَا هما يَا رَسُول الله قَالَ الأناءة والتؤدة قَالَ يَا نَبِي الله أجبلا جبلت عَلَيْهِ أم تخلقا مني قَالَ لَا بل جبلا جبلت عَلَيْهِ فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي جبلني على مَا يحب الله وَرَسُوله