وَمن فقه عَن الله تَعَالَى قَوْله {مَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كثير} كَيفَ لَا يكون هَذَا حَسبه حَتَّى تهون عَلَيْهِ المصائب كَأَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا قاصصتك بِهَذِهِ الْمُصِيبَة بِشَيْء يسير من ذنوبك حَتَّى أنبهك من رقدتك
وَمن فقه عَن الله قَوْله عز وَجل {وَإِن يمسسك الله بضر فَلَا كاشف لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يردك بِخَير فَلَا راد لفضله} كَيفَ لَا يكون هَذَا حَسبه حَتَّى يَنْقَطِع رجاؤه عَن المخلوقين وَيصير حرا من رق نَفسه وَمن تبصبص خلقه وتخلص من تعيير الله حَيْثُ عير الْمُنَافِقين فَقَالَ {لَأَنْتُم أَشد رهبة فِي صُدُورهمْ من الله ذَلِك بِأَنَّهُم قوم لَا يفقهُونَ} برِئ من الْفِقْه من كَانَ رهبته من المخلوقين غالبة على رهبته من الله
وَقَالَ عز وَجل فِي الْمُنَافِقين {هم الَّذين يَقُولُونَ لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله حَتَّى يَنْفضوا وَللَّه خَزَائِن السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَلَكِن الْمُنَافِقين لَا يفقهُونَ} فَمن رأى حَاجته ورزقه من الدُّنْيَا بيد الْخلق دون الله حَتَّى يضيع حُقُوقه ويداهن فِي دينه فقد برأه الْقُرْآن من الْفِقْه
وَمن فقه عَن الله عز وَجل قَوْله {ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم} كَيفَ لَا يكون هَذَا حَسبه حَتَّى يعلم أَن الله عز وَجل أكْرمه بغاية الْكَرَامَة فَلَو أَن ملكا كتب إِلَى عبد من عبيده ارْفَعْ إِلَيّ حوائجك لامتلأ سُرُورًا واتكل على هَذَا الْكتاب مَعَ أَنه عبد مثله لَا يقدر على شَيْء فِي الْحَقِيقَة