مكرمين حَتَّى إِذا جَاءَ وَقت الشقوة وَغلب الْقَضَاء وَالْقدر على جَمِيع مَا أعطاهما وخلص الْعَدو إِلَيْهِمَا فأكلا بِأَمْر الْعَدو وَصَارَت تِلْكَ الْأكلَة فرْصَة إِبْلِيس مِنْهُمَا والمأكول حَظه مِنْهُمَا فصارا عاريين من جَمِيع هَذِه الكرامات وَأَخْرَجَا مذمومين وَصَارَ مُسْتَقر تِلْكَ الْأكلَة سُلْطَان إِبْلِيس ومملكته وَالشَّيْء الْمَأْكُول منتنا وَإِنَّمَا أنتن لكينونة الْعَدو ونجاسته وكفره فِيهَا فَكلما ظهر من ذَلِك الْموضع بَوْل أَو غَائِط أَو ريح أَمر بِالْوضُوءِ وَغسل ذَلِك الْمَكَان فالوضوء من توضئة الْأَعْضَاء الَّتِي هِيَ جَوَانِب الْجَسَد حَتَّى تصير وضيئة فَإِنَّمَا لاحظ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين خرج من الْخَلَاء ذَلِك الَّذِي حل بِأَبِيهِ فورثه عَنهُ فَظهر ذَلِك عَلَيْهِ فالتجأ إِلَى عَظِيم الْمَغْفِرَة فَقَالَ غفرانك أَي إِنَّمَا القينا من تِلْكَ الْخَطِيئَة فَلَو أَن رجلا وقف تَحت ميزاب الْكَعْبَة حَتَّى جرى من الْمِيزَاب فَتَلقاهُ نغبة من المَاء الَّذِي نزل من السَّمَاء وَلم يمازجه شَيْء من الدُّنْيَا فَدخل جَوْفه ثمَّ خرج من هَذِه المخارج لأمر بِالْغسْلِ وَالْوُضُوء وَحكم لَهُ بِحكم النَّجَاسَة لِأَن هَذَا المَاء صَار إِلَى الْمعدة فِي مجاورة الْعَدو الَّذِي جعل لَهُ السَّبِيل إِلَى الْآدَمِيّ
كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الشَّيْطَان يجْرِي من ابْن آدم مجْرى الدَّم قَالُوا ومنك يَا رَسُول الله قَالَ ومني إِلَّا أَن الله أعانني عَلَيْهِ فَأسلم