شددت الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم فِي ذَلِك فَقَالُوا كتاب مَعَ كتاب الله فَإِن ذَلِك مِمَّا كَانَت الْيَهُود فعلته وَقد وصف الله تَعَالَى فِي تَنْزِيله الْكَرِيم فَقَالَ فويل للَّذين يَكْتُبُونَ الْكتاب بِأَيْدِيهِم ثمَّ يَقُولُونَ هَذَا من عِنْد الله ليشتروا بِهِ ثمنا قَلِيلا
وَذَلِكَ أَنه لما درس الْأَمر فيهم وَسَاءَتْ رَغْبَة عُلَمَائهمْ أَقبلُوا على الدُّنْيَا حرصا وجمعا فطلبوا شَيْئا يصرف وُجُوه النَّاس إِلَيْهِم فأحدثوا فِي شريعتهم وبدلوا وألحقوا ذَلِك بِالتَّوْرَاةِ وَقَالُوا لسفهائهم هَذَا من عِنْد الله ليقبلوها عَنْهُم فتتأكد رياستهم وينالوا بِهِ حطام الدُّنْيَا وَكَانَ مِمَّا أَحْدَثُوا فِيهِ أَن قَالُوا لَيْسَ علينا فِي الْأُمِّيين سَبِيل وهم الْعَرَب أَي مَا أَخذنَا من أَمْوَالهم فَهُوَ حل لنا وَكَانَ مِمَّا أَحْدَثُوا فِيهِ أَن قَالُوا لَا يضرنا ذَنْب فَنحْن أحباؤه وأبناؤه تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَإِنَّمَا كَانَ فِي التَّوْرَاة يَا أحباري وَيَا أَبنَاء رُسُلِي فغيروه وَكَتَبُوا يَا أحبائي وَيَا أبنائي فَأنْزل الله تَعَالَى تكذيبهم
{وَقَالَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى نَحن أَبنَاء الله وأحباؤه قل فَلم يعذبكم بذنوبكم} فَقَالَت لن يعذبنا وَإِن عذبنا فأربعين يَوْمًا مِقْدَار أَيَّام الْعجل فَأنْزل الله تَعَالَى وَقَالُوا لن تمسنا النارإلا أَيَّامًا مَعْدُودَة قل أتخذتم عِنْد الله عهدا فَلَنْ يخلف الله عَهده أم تَقولُونَ على الله مَالا تعلمُونَ بلَى من كسب سَيِّئَة الأية
فحذر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْأمة لما قد علم مَا يكون فِي آخرالزمان فَحَذَّرَهُمْ أَن يحدثوا من تِلْقَاء أنفسهم مُعَارضا لكتاب الله تَعَالَى