وَأهل الْيَقِين طلبُوا الْأَشْيَاء من المظان نفسا وجسدا وَمن الله قلبا ويقينا وإخلاصا قمن ضعف يقينه كَانَ السَّبَب بَين عَيْنَيْهِ فَإِذا طلب شَيْئا طلبه من السَّبَب قلبا ونفسا وَإِذا فَاتَهُ مِنْهَا شَيْء تلهف وأسف على الْفَوْت وَلَام وذم وَتردد فِي اضْطِرَاب حَتَّى يخرج دينه ويسقم إيمَانه وَإِذا صَار إِلَى القَوْل يَقُول لَا يكون إِلَّا مَا شَاءَ الله وَلَا يكون إِلَّا مَا قدر الله وَإِلَّا مَا قضى الله وَإِذا قضى فَلَا يقوم شَيْء وَلَا يَدُوم إِلَّا بِاللَّه فَإِذا علم أَن الْكَوْن من الله والدوام بِاللَّه كَانَ هَذَا من علم التَّوْحِيد وَإِنَّمَا هُوَ كلحظة ثمَّ يخفي فِي صَدره هَذَا الْعلم حَتَّى لَا يشرق نوره وَإِنَّمَا كَانَت شررة أَو كلمحة أَو برقة ثمَّ ذهبت وَبَقِي العَبْد مَعَ شرك السَّبَب فَكلما لحظ العَبْد إِلَى شَيْء من هَذِه الْأَسْبَاب دونه فقد أَتَى بالشرك فَإِذا رأى السَّحَاب استبشر وَإِذا أنبت الأَرْض ابتهج ثمَّ فَرح وأشر وبطر لِأَن قلبه فِي غَفلَة عَن الله عز وَجل فَهَذَا قلب الموحد وقلب الْكَافِر فِي غلفة فَقلب الْمُؤمن الْمُتَعَلّق بالأسباب غافل وقلب الْكَافِر أغلف فالغلفة غلاف الْقلب والغفلة حجاب الْقلب وَهُوَ هَذِه الْأَسْبَاب الَّتِي ذكرنَا وَقد انْشَقَّ عَنهُ الغلاف الَّذِي كَانَ فِي وَقت الْكفْر وَبقيت الْغَفْلَة فَهَذِهِ الْغَفْلَة لَا يذهبها إِلَّا ذكر الله تَعَالَى فَلَا يزَال الذّكر الدَّائِم يذيبها بحرارة الْحَيَاة الَّتِي يُزَاد الْقلب بِالذكر حَتَّى يهتك حجب الْأَسْبَاب كلهَا وَيذْهب الخفاء وَيصير الْأُمُور كالمعاينة لَهُ فَهُوَ يمْضِي فِي الْأَسْبَاب وَلَا يغْفل عَن الله فيقبلها من عِنْده فَإِذا هَاجَتْ الرّيح استبشر بصنع الله لِأَنَّهُ علم أَنه هُوَ الَّذِي أرسلها بشرا بَين يَدي رَحمته وَإِذا رأى تراكم السَّحَاب استبشر بصنع الله ثمَّ يرى الْمَطَر سقيا كَمَا قَالَ وأنزلنا من السَّمَاء مَاء فأسقيناكموه إِلَى غير ذَلِك
فَأهل الْيَقِين هتكوا هَذِه الْحجب بِقُوَّة نور الْيَقِين حَتَّى انْكَشَفَ لَهُم الغطاء وَفضل الله هَذِه الْأمة بِالْيَقِينِ حَتَّى صَار مَا بَقِي مِنْهُم من الشّرك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute