ثمَّ ينشئ قرنا آخر فَكَانَ هَذَا سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل وَقَالَ فِي تَنْزِيله عِنْدَمَا قصّ نبأ نوح وَإِبْرَاهِيم وَعَاد وَثَمُود وَشُعَيْب ومُوسَى وَفرْعَوْن ثمَّ قَالَ {فكلا أَخذنَا بِذَنبِهِ فَمنهمْ من أرسلنَا عَلَيْهِ حاصبا وَمِنْهُم من أَخَذته الصَّيْحَة وَمِنْهُم من خسفنا بِهِ الأَرْض وَمِنْهُم من أغرقنا} ثمَّ بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَسُولا فَقَالَ {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين}
وَكَانَ من رَحمته أَن أعطَاهُ السَّيْف بدل الْعَذَاب الَّذِي كَانَ يَأْتِي الْأُمَم بَغْتَة فيهلكهم كي يخوفهم بِالسَّيْفِ حَتَّى يدخلُوا فِي الْإِسْلَام طَوْعًا وَكرها إِذا مرنت نُفُوسهم الكارهة فِي الدّين على شَرِيعَة الْإِسْلَام انقادت وأطاعت وزايلهم الْغِشّ والنفاق وَمِنْهُم من لم يزل النِّفَاق فيهم إِلَى أَن مَاتَ فَستر الله عَلَيْهِم ذَلِك فَكَانَ المُنَافِقُونَ يخالطون الْمُسلمين فِي مناكحاتهم ومواريثهم ومغازيهم ومعاملاتهم والنفاق فِي الْقلب وَلم يكن قبل ذَلِك نفاق إِنَّمَا كَانَ تَصْدِيق وَتَكْذيب لِأَنَّهُ لم يكن هُنَاكَ تخويف بِالسَّيْفِ فَكَانَ المكذبون يجهرون بالتكذيب حَتَّى يَأْتِيهم عَذَاب الله بَغْتَة فَلَمَّا جَاءَت هَذِه الْأمة وخوفوا بِالسَّيْفِ دخلُوا فِي الدّين طَوْعًا وَكرها فَجَاءَهُمْ الِابْتِلَاء فِي الْقَبْر ليظْهر نصْرَة الله للمطيع فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا الثَّابِت فِي قبُوله الْإِسْلَام ويلقن الْجَواب عِنْد السُّؤَال ويضل الله الظَّالِم الَّذِي كَانَ مَعَ النِّفَاق أَيَّام الْحَيَاة
يُحَقّق مَا قُلْنَا مَا رُوِيَ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute