يكمل حلمه بعد لِأَن نَفسه لم تتسع بعد فِي الْحلم الَّذِي أعطي فَإِذا جَاءَت العثرات اعْتبر بهَا وَرَأى غَيره فِيهَا كَمَا رأى نَفسه فِي وَقتهَا فهناك يجد الْحلم
وَهَذَا قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث آخر لَيْسَ الْغنى عَن كَثْرَة الْعرض وَإِنَّمَا الْغنى غنى النَّفس وَلَيْسَ الْمِسْكِين الَّذِي ترده اللُّقْمَة وَاللُّقْمَتَانِ إِنَّمَا الْمِسْكِين الَّذِي قعد فِي بَيته وقنع
فَذَاك الَّذِي كثر عرضه هُوَ أَيْضا غَنِي وَلَكِن الْغنى على كنهه وَحَقِيقَته هُوَ غنى النَّفس والمسكنة على الْحَقِيقَة وعَلى كنهها فِي من قعد فِي بَيته وقنع بِمَا أُوتِيَ
وَأما قَوْله لَا حَكِيم إِلَّا ذُو تجربة فالحكمة من نور الْجلَال فَإِذا أعطي العَبْد انفجرت ينابيع الْحِكْمَة على قلبه فَهَذِهِ الْحِكْمَة ينبوعها على قلبه فَهِيَ جاثمة متراكمة وَمَا لم يَأْخُذهُ التجارب لم تقدر النَّفس على مطالعة الْحِكْمَة لِأَن النَّفس بلهاء غنمية مَشْغُولَة بالشهوات فَكيف تدْرك الْحِكْمَة وَالْحكمَة بَاطِن الْأُمُور وأسرار الْعلم فَهِيَ تعاين الظَّاهِر وَلَا تُدْرِكهُ فَكيف تدْرك الْبَاطِن فَإِذا جرت الْأُمُور صَارَت هَذِه التجارب لَهُ كالمرآة ينظر فِيهَا لِأَنَّهَا صَارَت مُعَاينَة وَلذَلِك قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يَنْتَهِي عقل الرجل إِلَى ثَمَان وَعشْرين ثمَّ بعد ذَلِك التجارب
فالعقل للقلب والتجارب للنَّفس لِأَن الْعقل بَاطِن والتجارب ظَاهِرَة تبصر الْعين وَتسمع الْأذن ويشم الْأنف وتلمس الْيَد وَيَذُوق اللِّسَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute