للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مبتدأه إِلَى أَعْلَاهُ كل قد أَخذ من هَذَا بحظ فالديان يحاسبهم فيعطيهم من ثَوَاب هَذِه الاسْتقَامَة كلا على قدر ثباته وانتصابه لله وتوقيه للروغان عَنهُ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم}

فالإيمان هُوَ طمأنينة الْقلب إِلَى الله واستقرار النَّفس بِمَا اسْتَقر عَلَيْهِ الْقلب وَإِنَّمَا صَار ذَلِك كَذَلِك بِالنورِ فَذَلِك النُّور اكْتِسَاب الْقلب بِهِ يكرم وَعَلِيهِ يُتَاب وَبِه يجوز الصِّرَاط إِلَى دَار السَّلَام فَإِذا أذْنب فالذنب ظلمَة فقد ألبس ذَلِك النُّور ظلمَة وَهُوَ قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أذْنب العَبْد نكت فِي قلبه نُكْتَة سَوْدَاء فَإِن عَاد نكت أُخْرَى فَلَا يزَال كَذَلِك حَتَّى يسود الْقلب فَإِذا تَابَ وَنزع صقل قلبه يَعْنِي يرفع عَنهُ تِلْكَ النكت فينجلي الْقلب بنوره بِمَنْزِلَة شمس خرجت عَن كسوفها فتجلت

فَأَقل الظُّلم ترك أَصْغَر شَيْء من أَمر الله وَأعظم الظُّلم الشّرك فَذَاك مبتدأه وَهَذَا منتهاه فَترك أدنى أَمر الله هُوَ ظلم وبقدر ذَلِك أطبق على نور الْإِيمَان وأظلم الصَّدْر مِنْهُ بِقدر ذَلِك لِأَنَّهُ افْتقدَ إشراق ذَلِك النُّور على قدر مَا أطبق فَكلما إزداد ذَنبا ازْدَادَ افتقادا للإشراق وازداد ظلمَة حَتَّى يطبق عَلَيْهِ كُله إِذا انْتهى إِلَى منتهاه وَهُوَ رَأس الذُّنُوب وَهُوَ أَعْلَاهَا والخلق فِيمَا بَين الحدين كل قد ألبس إيمَانه يَعْنِي من هَذَا الظُّلم وَمن ذَلِك مثل الشَّمْس إِذا انكسفت فعلى قدر مَا ينكسف مِنْهَا يفتقد الْخلق إشراقها من الأَرْض فَإِذا انكسفت كلهَا صَار نهارهم كالليل

فَأعْلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخلق منتهاه فِي حَدِيث ومبتدأه فِي حَدِيث آخر

وَكَذَلِكَ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا من بعده فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ استقاموا فَلم يشركوا

<<  <  ج: ص:  >  >>