قَالَ أَبُو عبد الله فالشهادة لَهَا مرتبَة عَظِيمَة عِنْد الله والصدق أعظم مرتبَة وَقد ذكر الله فِي تَنْزِيله الصِّنْفَيْنِ فَقدم الصدْق على الشَّهَادَة فَقَالَ {وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ}
فَبَدَأَ بِالْأولِ فَالْأول ذكرالنبوة ثمَّ الصدْق ثمَّ الشَّهَادَة ثمَّ الصّلاح فالصديق صدق الله فِي بذل نَفسه لَهُ فِي جَمِيع عمره والشهيد صدق الله فِي بذل نَفسه لَهُ فِي وَقت الْوَفَاة وَإِنَّمَا نَالَ الْكَرَامَة كل هَؤُلَاءِ الْأَصْنَاف ببذل النَّفس وَمن بذل نَفسه لله تَعَالَى فقد آثر الله على نَفسه وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى وضع للْعَبد فِي هَذَا القالب أَعنِي الْجَسَد روحا بِهِ حيى وبالنفس الَّتِي فِي جَوْفه وَهِي الأمارة بالسوء الْمحبَّة للحياة فِي الدُّنْيَا فَعظم الْآدَمِيّ هَذِه الْحَيَاة هَهُنَا ليلتذ بالأشياء بقوتها وَعظم الله الْحَيَاة فِي الدَّار الْآخِرَة وَقَالَ تَعَالَى فِي تَنْزِيله {وَإِن الدَّار الْآخِرَة لهي الْحَيَوَان لَو كَانُوا يعلمُونَ}
فالحيوان فِي الْجنَّة والحياة فِي الدُّنْيَا وكل شَيْء على قالب فعلان فَهُوَ أَكثر من قالب فعيل وفاعل كَقَوْلِه الرَّحْمَن والرحيم والعريان والعاري