للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّلَام فِي بَطنهَا فَقَالَ سادون كَيفَ خصها الله بِيُونُس عَلَيْهِ السَّلَام من بَين دَوَاب الْبَحْر قَالَت كَانَت تعبد الله فِي الْبَحْر بزهدها قَالَ فَكيف كَانَ زهدها قَالَت كَانَت لَا تَبْرَح فَإِن أُوتيت صيدا عفوا أَكلته وَإِلَّا صبرت فَكَانَت دَوَاب الْبَحْر تسميها السَّمَكَة الزاهدة فأكرمها الله بِنَبِيِّهِ وَرَسُوله عَلَيْهِ السَّلَام إِكْرَاما لَهَا بزهدها فزهد سادون فِي مَكَانَهُ زهدا وأخلص لله عِبَادَته فَقَامَ من سَاعَته فَمر على المَاء فَلَمَّا توَسط الْبَحْر وقف فَلم يزل إِلَى أَن صَار إِلَى الْخضر يعبد الله ويدعوه

قَالَ أَبُو عبد الله فنور هَذِه الْكَلِمَة بلغ هَذَا الْمبلغ فَإِنَّمَا بلغ بِصدق الْقَائِل وَلَو كَانَ غير الصدْق لَكَانَ الْمُنَافِق قد قَالَه وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى قد قالوها فأصدقهم فِي الْمقَال أعظمهم نورا والصدق فِي الْمقَال إِنَّمَا يظْهر من العَبْد ببذل النَّفس لله وإيثاره ربه على نَفسه فِي كل مَشِيئَة وَإِرَادَة وشهوة فَإِذا آثر الله فقد صدق الله فِي إِرَادَته ربه ورفض نَفسه فالنبي بِفضل نبوته أَرَادَ الله إِرَادَة بِزِيَادَة الْحَيَاة الَّتِي فِي قلبه وَالصديق هُوَ دون النَّبِي والشهيد دونهمَا وَهُوَ أقل حَيَاة من الصّديق وَالصديق أقل حَيَاة من النَّبِي والصالح أقل حَيَاة من الشَّهِيد وَمن حيى بِاللَّه نَالَ نور الْيَقِين فَهَؤُلَاءِ الْأَصْنَاف على درجاتهم على مَا وَصفنَا فِي الْحَيَاة بِاللَّه وَالْيَقِين بِهِ فأوفرهم حظا من الْحَيَاة وَالْيَقِين أَشَّدهم شوقا إِلَيْهِ وَإِرَادَة لَهُ وإيثارا لَهُ على شهوات نَفسه فالنبي رَأس الشُّهَدَاء ثمَّ الصّديق من بعده ثمَّ الْقَتِيل فِي سَبِيل الله ثمَّ من بعد ذَلِك من هَذِه الْأَصْنَاف الَّتِي ذكرهَا فِي الحَدِيث وأصناف آخَرُونَ مذكورون فِي غير هَذَا الحَدِيث وَإِنَّمَا قَالَ فِي هَذَا الحَدِيث الشَّهَادَة سبع وَلم يقل وَلَا يكون شَهِيدا من وَرَاء السَّبع إِنَّمَا ذكر السَّبع فِي ذَلِك الموطن ثمَّ ذكر بعد ذَلِك أَن الْغَرِيب إِذْ مَاتَ فَهُوَ شَهِيد وَمن مَاتَ مرابطا فَهُوَ شَهِيد وَمن خرج فِي طلب الْعلم فَمَاتَ فَهُوَ شَهِيد وَمن دَامَ على الطَّهَارَة متوضئا فَهُوَ شَهِيد وَمن مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة فَهُوَ شَهِيد

<<  <  ج: ص:  >  >>