عونا على الدّين وقواما لَهُ يَرْمِي بقوسه لِئَلَّا تذْهب عَادَته للرمي وَلَا يتشنج أعضاؤه ومفاصله وكتفاه ويؤدب فرسه لِئَلَّا يجمح وَلَا يكون مستوليا على النزع مِنْهُ والفروسية لِئَلَّا يَنْقَطِع عَنهُ شجاعته وَيكون جريئا ذَا قلب فَإِذا ترك ذَلِك ضعف قلبه وَجبن وملاعبته أَهله ليسكن مَا بِهِ وَبهَا وَهَذَا كُله وَإِن كَانَ ملهيا فَهُوَ فِي الأَصْل حق وَإِنَّمَا رخص لِلْمُؤمنِ فِي التلهي بِهَذَا لِأَن قلبه فِي أثقال العظمة فَإِذا دَامَ عَلَيْهِ ضَاقَ بِهِ وَالْتمس تفرجا وتخفيفا فيلجأ إِلَى هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي هِيَ فِي الأَصْل حق حَتَّى يكون مزاجا لِلْمُؤمنِ
أَلا يرى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أسرِي بِهِ فَانْتهى إِلَى السِّدْرَة وغشيها مَا غشيها قَالَ رَأَيْت نورا ثمَّ حَال دونه فرَاش من ذهب وأخذني كالثبات فَذَاك مزاج لَهُ ليتحمل رُؤْيَة ذَلِك النُّور كَأَنَّهُ لم يقدر على احْتِمَال ذَلِك النُّور حَتَّى مازجه بذلك الْفراش فأطاق احْتِمَاله
كَذَلِك الْمُؤمن الْبَالِغ إِذا تراكمت على قلبه أثقال العظمة التمس متنفسا ليقوى على احتمالها فصير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيثه هَذَا اللَّهْو الملهي لِقَلْبِهِ حَقًا وتخفيفا عَنهُ فَإِنَّمَا صَارَت هَذِه الْأَشْيَاء ملهية لِأَن الرجل إِذا رمى عَن قوسه توخى بِقَلْبِه تسديد السهْم وإصابته للهدف فَهُوَ يجْتَهد فِي علم ذَلِك وَوَضعه يَده حَيْثُ وضع فَفِي ذَلِك مشغلة تلهي قلبه وَلَا يَخْلُو من ذَلِك وَفِي إِصَابَته حَيْثُ وضع شِفَاء للنَّفس وَقُوَّة للقلب فَسُمي لهوا لِأَنَّهُ يلهيه وَذَلِكَ اللَّهْو حق وَكَذَلِكَ تأديبه الْفرس حَتَّى لَا يحرن وَلَا يجمح وَيفهم شَأْن الْعَنَان ويتعلم السّير والوثبان وَالْوُقُوف والاستدارة وَفِي ذَلِك مشغلة تلهيه وَذَلِكَ حق وَكَذَلِكَ ملاعبته امْرَأَته يُرِيد بذلك تسكينها وعفتها عَن الرِّجَال فَفِي ذَلِك مَا يهيج عَلَيْهِ من الشَّهْوَة ويلهيه
فَفِي هَذِه الْأَشْيَاء تفرج وخفة عَن أثقال العظمة على قلب الْمُؤمن فَيكون مزاجا وَالله أعلم بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمرجع والمآب