للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَكَذَا أَدَّاهُ الى التَّعَدِّي والافراط لكنه لطف لَهُ فَجعل الهيبة شعاره والأنس دثاره حَتَّى يَسْتَقِيم بِهِ قلبه فَهُوَ عبد ظَاهره الْأنس بِاللَّه تَعَالَى وباطنه الهيبة من الله تَعَالَى ثمَّ يرقيه إِلَى مرتبَة أُخْرَى وَهِي مرتبَة الِانْفِرَاد بِاللَّه قربه الْقرْبَة الْعُظْمَى وَأَدْنَاهُ وَمكن لَهُ بَين يَدَيْهِ ونقاه وَفتح لَهُ الطَّرِيق إِلَى وحدانيته فَهُوَ نَاظر إِلَى فردانيته فأحياه الله تَعَالَى بِهِ وَاسْتَعْملهُ فبه ينْطق وَبِه يعقل وَبِه يعلم وَبِه يعْمل وَقد جَاوز مقَام الهيبة والانس الى مقَام الْأُمَنَاء وَيصير سيد الْأَوْلِيَاء والعارفين وأمان أهل الأَرْض ومنظر أهل السَّمَاء وخاصة الله تَعَالَى وَمَوْضِع نظره وَمَوْضِع سره وَهُوَ سَوط الله فِي خلقه يُؤَدب بِهِ عباده وَبِه يحيي الْقُلُوب الْميتَة وَبِه يرحم أهل الأَرْض وَبِه يمطر ويرزق وَيدْفَع عَنْهُم الْبلَاء مِفْتَاح الْهدى وسراج الأَرْض وَهُوَ شِفَاء الأدواء وَإِمَام الْأَطِبَّاء كَلَامه قيد الْقُلُوب وَنَظره شِفَاء النُّفُوس وإقباله قهر الْأَهْوَاء فَهُوَ ربيع يزهر بنوره وخريف يجتنى ثماره وكهف يلجأ إِلَيْهِ ومعدن يؤمل مَا لَدَيْهِ وَفصل بَين الْحق وَالْبَاطِل وَهُوَ الْوَلِيّ الْعَارِف وَالصديق المقرب والفاروق الْمُجْتَبى وَاحِد الله فِي أرضه كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام اللَّهُمَّ أَنْت الْوَاحِد فِي السَّمَاء وَأَنا الْوَاحِد فِي الأَرْض

وَقد قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يكون فِي هَذِه الْأمة رجال قُلُوبهم على قلب إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام

وَقَوله سَاعَة وَسَاعَة أَي سَاعَة للذّكر وَسَاعَة للنَّفس فساعة الذّكر تكون الْجنَّة وَالنَّار رَأْي عينه وَسَاعَة يقبل على المعاش ومرمته لِأَن الْقلب رُبمَا عجز عَن احْتِمَال مَا يحل بِهِ فَيحْتَاج الى مزاج أَلا ترى أَن مَا روى أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما انْتَهَيْت الى السِّدْرَة إِذا وَرقهَا مثل آذان الفيلة وَإِذا نبقها أَمْثَال القلال فَلَمَّا غشيها من أَمر الله تَعَالَى مَا غشيها تحولت ياقوتا وَفِي رِوَايَة حَال دونهَا فرَاش

<<  <  ج: ص:  >  >>