يسْتَوْجب بذلك القَوْل الْمَغْفِرَة وَلِهَذَا مَا رُوِيَ فِي حَدِيث آخر عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَا يَقُولهَا عبد عِنْد الْمَوْت إِلَّا هدمت ذنُوبه قيل فَكيف يَا رَسُول الله لمن قَالَهَا فِي الصِّحَّة قَالَ هِيَ أهدم وأهدم
وَإِنَّمَا هدمت ذنُوبه لِأَنَّهُ قَالَهَا وَقد مَاتَت مِنْهُ شهواته وَنَدم على مَا فرط مِنْهُ ندما صَحِيحا فَهُوَ تائب صَادِق والتائب الصَّادِق على مَوْعُود الله تَعَالَى فِي تَنْزِيله أَن {يقبل التَّوْبَة عَن عباده وَيَعْفُو عَن السَّيِّئَات} وَيكفر عَنهُ ويدخله الْجنَّة قيل فَكيف من قَالَهَا فِي الصِّحَّة فَإِنَّمَا يَقُولهَا فِي الصِّحَّة على تِلْكَ الصّفة الَّتِي هِيَ عِنْد مَوته بعد رياضة نَفسه وَمَوْت شهواته وحرصه ورغبته وَبعد زهادته فِيهَا وصفائه عَن التَّخْلِيط فَهِيَ أهدم وأهدم فَأَما المخلط عبد نهماته وشهواته عبد دُنْيَاهُ عبد درهمه وديناره فَلَا نعلم أَن قَوْله هَذَا يهدم ذنُوبه حَتَّى يصير مغفورا لَهُ بِهَذِهِ الْكَلِمَة لِأَنَّهُ لَا ترجع هَذِه الْكَلِمَة مِنْهُ إِلَى قلب موقن كَمَا اشْترط الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيثه بل ترجع هَذِه الْكَلِمَة مِنْهُ إِلَى قلب مفتون بدنياه مأسور بشهوات نَفسه سَكرَان عَن الْآخِرَة حيران عَن الله تَعَالَى فقلبه ميال الى الْهوى وَالْقلب الموقن الَّذِي وَصفه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الْقلب الَّذِي اسْتَقر لرَبه وَاطْمَأَنَّ بِحكمِهِ وقنع بقسمه وانقاد لأَمره وشخصت عَيناهُ إِلَى رَحمته قد أيس من كل شَيْء إِلَّا من رَحمته فَهُوَ الَّذِي إِذا قَالَهَا هدمت ذنُوبه لِأَنَّهُ صَادِق فِي قَوْله وَإِنَّمَا سمي الْيَقِين يَقِينا لاستقراره