للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على هَذِه الْكَلِمَات بحقائقها فَصَارَ خَالِصا لله تَعَالَى وَقد باين النَّفس وهواها وَصدق بهَا لِسَانه وَقَبله لِأَن الْقلب قد استنار بالكلمات فَاسْتَوَى اللِّسَان بِالْقَلْبِ وَالْقلب بِاللِّسَانِ وَقد صدق بِالْكَلِمَةِ لِسَانه وَقَلبه وأخلص روحه فاستوجب النّظر إِلَيْهِ فَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا رزقه فَتْحة قلبه وَخرجت مِنْهُ هَذِه الْكَلِمَة فِي ذَلِك الْوَقْت فَعظم وَزنهَا وقدرها عِنْد رَبهَا قَالَ الله تَعَالَى {الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم} ثمَّ قَالَ {أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا} وَصفهم بِحَقِيقَة الْإِيمَان

قَالَت عَائِشَة وَأم الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنْهُمَا إِنَّمَا إِيمَان الرجل فِي الْقلب كاحتراق السعفة لَا يكَاد يلبث طَويلا فَإِذا وجد أحدكُم فَليدع الله تَعَالَى فَإِن الدُّعَاء عِنْد ذَلِك يُسْتَجَاب

وَعَن ثَابت الْبنانِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن رجل قَالَ إِنِّي لأعْلم مَتى يُسْتَجَاب لي قَالُوا وَمن أَيْن تعلم ذَلِك قَالَ إِذا اقشعر جلدي ووجل قلبِي وفاضت عَيْنَايَ فَذَاك حِين يُسْتَجَاب لي لِأَن هَذِه نفوس لَا تحْتَمل مَا يرد على الْقلب فتقشعر مِنْهُ الْجُلُود أما أهل الْيَقِين الَّذِي استنارت صُدُورهمْ بنوره فَهَذَا لَهُم دَائِم فِي الْأُمُور كلهَا وهم الَّذين يذكرُونَ الله تَعَالَى على كل حَال لَا يَنْقَطِع ذكرهم لأَنهم بِنور يقينهم قد صَارَت قُلُوبهم بَين يَدَيْهِ يعبدونه كانهم يرونه قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام أعبد الله كانك ترَاهُ وَلِأَن نُفُوسهم قد إطمأنت إِلَى رُؤْيَة الملكوت وَمَا يرد على الْقُلُوب ومرنت على ذَلِك واعتادت

<<  <  ج: ص:  >  >>