وَوَصفه ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ كَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ كالطير الحذر الَّذِي يرى أَن لَهُ فِي كل طَرِيق شركا فَهَذَا شَأْن النصحاء لله تَعَالَى
وروى جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ دخل أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ يضْرب بالدف عِنْده فَقعدَ وَلم يزْجر لما رأى من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء عمر رَضِي الله عَنهُ فَلَمَّا سمع رَسُول الله صَوته كف عَن ذَلِك فَلَمَّا خرجا قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا يَا رَسُول الله كَانَ حَلَالا فَلَمَّا دخل عمر صَار حَرَامًا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عَائِشَة لَيْسَ كل النَّاس مرخيا عَلَيْهِ
فَهَذِهِ كلمة تكشف لَك أَن المقربين صنفان صنف مِنْهُم قُلُوبهم فِي جَلَاله وعظمته هائمه فقد ملكتهم هيبته فَالْحق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يستعملهم فِي كل أَمر فهم مشرفون على الْأُمُور مشمرون لَهَا وصنف آخر قد أرْخى من عنانه فَالْأَمْر عَلَيْهِ أسهل لِأَنَّهُ قد جَاوز قلبه هَذِه الخطة فقلبه فِي مَحل الشَّفَقَة فِي ملك الوحدانية وَكلما كَانَ الْقلب مَحَله أَعلَى وَمن الْقرْبَة أوفر حظا كَانَ الْأَمر عَلَيْهِ أوسع وَهَذَا لِأَن الله تَعَالَى تلطف بِلُطْفِهِ بِعَبْدِهِ الْمُؤمن فَإِذا علم مِنْهُ أَن نَفسه صعبة وَأَنه مُحْتَاج إِلَى اللجام ألجمها بلجام الهيبة وَأبْدى على قلبه من سُلْطَانه وعظمته لِئَلَّا يفْسد وَإِذا علم أَن نَفسه لينَة كَرِيمَة أرْخى من عنانه فأبدى على قلبه من الوحدانية والفردانية مَا انْفَرد لَهُ قلبه وَنَفسه وَمَاتَتْ شَهْوَته وَذهل عَن ذكر نَفسه فَهُوَ يَسْتَعْمِلهُ وَهُوَ يكلؤه فالمحق فِي الظَّاهِر أعلا فعلا عِنْد أَهله والأواه فِي الْبَاطِن أعلا