للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَن الله تَعَالَى تخرج من نور وَكسوته النُّور فَإِذا وصل إِلَى الصَّدْر خرقت حجب الظُّلُمَات حَتَّى وصلت إِلَى الْقلب فأثارت نور التَّوْحِيد فَأَضَاءَتْ الْبَيْت فَاسْتَغْفر وَبكى وَنَدم وَأبْصر قَالَ الله تَعَالَى قل هَذِه سبيلي أَدْعُو إِلَى الله على بَصِيرَة أَنا وَمن اتبعني أَي على مُعَاينَة وَهَذَا لمن تفرغ من نَفسه واشتغل بِاللَّه تَعَالَى فَأَما من لَيْسَ عبدا لله تَعَالَى وَلَا هُوَ لله عز وَجل وَإِنَّمَا قلبه عبد نَفسه ولنفسه ومشغول بشهوته ونهمته فَكيف يَدْعُو إِلَى الله تَعَالَى

وَقَوله يزِيد فِي عَمَلكُمْ مَنْطِقه فَإِنَّهُ إِذا نطق نطق بآلاء الله تَعَالَى وتدبيره وصنعه فَأَما آلَاء الله تَعَالَى فَهُوَ مَا أبدا من الهيبة فِي وحدانيته كالجلال وَالْجمال وَالْعَظَمَة والهيبة والكبرياء والبهاء وَالسُّلْطَان والعز وَالْفَخْر فَهَذِهِ صِفَات على قُلُوب الْأَنْبِيَاء والأولياء عَلَيْهِم السَّلَام فتمالكوا مَعَ ذَلِك واحتملته عُقُولهمْ وَأما تَدْبيره فَمَا دبر من خلقهمْ من تُرَاب ثمَّ جعل فيهم أرواحا سَمَاوِيَّة ثمَّ أَعْطَاهُم جوارح قوالب لتِلْك الْأَرْوَاح ثمَّ اضطرهم إِلَى التربية والمعاش ثمَّ دبر لَهُم الْمَوْت ثمَّ هيأ لَهُم يَوْمًا يحاسبهم ويفتشهم ويقتضيهم حَقه فِيهِ ثمَّ جعل ممرهم إِلَى الْجنَّة على متن النَّار ثمَّ أكْرم وأهان وَأدنى وأقصى وَحرم وَأعْطى وأبرز عدله ثمَّ أفضل على من شَاءَ بجوده وَكَرمه ومنته فَهَذَا من تَدْبيره مُنْذُ أبدا خلقه وَأما صنعه فأحوال الْعباد فِي الدُّنْيَا كَيفَ يفقر وَكَيف يُغني ويعز ويذل وَيملك وَينْزع الْملك ويبتلي ويعافي ويغير الْأَحْوَال سَاعَة فساعة

وَقَوله ويرغبكم فِي الْآخِرَة عمله لِأَن على عمله نورا وعَلى أَرْكَانه خشوعا وعَلى تصرفه فِيهَا صدق العبودة مَعَ الْبَهَاء وَالْوَقار والحلاوة والمهابة لِأَنَّهُ عمل على معنى المعاينة وعامل الله بِتِلْكَ الْأَعْمَال

<<  <  ج: ص:  >  >>