للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا يخيب بِرُؤْيَتِهِ عَن أَن يكون شِفَاء الْقلب إِلَّا من ختم الله على قلبه وَجعل على سَمعه وبصره غشاوة كَمَا قَالَ تَعَالَى وتراهم ينظرُونَ إِلَيْك وهم لَا يبصرون

وَكَانَت هيبته ووقاره وجلاله وطهارته سدا بَين الْقُلُوب والنفوس فَكَانَت النُّفُوس قد أَلْقَت بأيديها منقادة مستسلمة هَيْبَة لَهُ وإجلالا وحياء مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ لَهُ طلاوة وحلاوة ومهابة فَأَيْنَ مَا حل ببقعة أَضَاءَت تِلْكَ الْبقْعَة بنوره وطلاوته وحليت بحلاوته وتهيأت شئونها بمهابته فَلَمَّا قبض صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذهب السراج وَزَالَ الضَّوْء وفاتت تِلْكَ الطلاوة والحلاوة والمهابة

وَقَوله وَمَا نفضنا الْأَيْدِي حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبنَا أخبر عَن قلبه وَعَن قلب أشباهه من الْقُلُوب الَّتِي لم تغلب عَلَيْهَا الهيبة من الله تَعَالَى وتأخذها هَيْبَة المخلوقين وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آيَة من آيَات الله الْعُظْمَى فَمن عرفه وتمكنت مَعْرفَته من هَذَا الطَّرِيق فَإِذا فَقده أنكر قلبه لِأَن نَفسه كَانَت فِي قهر مَا أعطي الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من السُّلْطَان فَلَمَّا أحست النَّفس بذهابه وجدت زمامها سَاقِطَة بِالْأَرْضِ كالمخلاة عَنْهَا فتحركت وتشوقت لمناها وأصاخت أذنا لمطامعها وَمن غلب الهيبة من الله تَعَالَى على قلبه وملكته لم يُنكر قلبه بِقَبْضِهِ وَلم يتَغَيَّر شَأْنه بفقده وهم الصديقون والأولياء عَلَيْهِ السَّلَام فقد دخل قُلُوبهم من جلال الله تَعَالَى وعظمته مَا بهتهم فهابوه ونفوسهم قد صَارَت كالميتة من الْخُشُوع لله تَعَالَى فَتلك هَيْبَة احتشت الْقُلُوب مِنْهُم من محبَّة الله تَعَالَى فغمرت مَا كَانَ للمخلوقين فِيهَا من الْمحبَّة من غير أَن تَزُول هَيْبَة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومحبته من قلبه فَإِن كل مَا عظمت هَيْبَة الله تَعَالَى ومحبته فِي قلب عبد فَهُوَ للهيبة من رَسُول

<<  <  ج: ص:  >  >>