للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْغَالِب عَلَيْهِ نَفسه وشهوته وَإِنَّمَا يقلق لذَلِك ويجيش صَدره إِذا فَاتَهُ شَيْء من شهواته ونهماته فِي الدُّنْيَا فَذَاك إِنَّمَا يعد للساعة أَعمال بره وَجعل ذَلِك عدته يَرْجُو لَهَا الثَّوَاب من الله تَعَالَى حَتَّى إِذا ورد الْقِيَامَة حصلت سرائره وبلي خَبره وَاقْتضى صدقه فِي الْأَعْمَال فان وجد صَادِقا فِي ذَلِك أثيب وَأكْرم على قدره وَإِن وجد كَاذِبًا رمي بِهِ فِي وَجهه وَهُوَ مَوْقُوف فِي الحرصة يَرْجُو بِأَعْمَالِهِ النجَاة من النَّار ونوال الثَّوَاب فتخلص حَسَنَاته وتصفى ثمَّ توزن بالسيئات فَإِن فضل لَهُ شَيْء أعطي بِقدر مَا فضل وَهَذَا السَّائِل قد كَانَت الْأَشْيَاء كلهَا تلاشت عَن قلبه فِي جنب معبوده فلحبه إِيَّاه غليان فِي صَدره فَكَانَ ذَلِك عدته فَلذَلِك قَالَ أَنْت مَعَ من أَحْبَبْت

وَلَعَلَّه كَانَ أَشَّدهم اجْتِهَادًا وأصفاهم عملا وأخلصهم قلبا وأطهرهم إِيمَانًا وأبعدهم عَن كل رِيبَة وريب ودنس وعيب وأخلقهم بمعالي الْأَخْلَاق وأنزههم عَن مدانيها لِأَن حب الله تَعَالَى لَا ينَال إِلَّا محبوبه قَالَ تَعَالَى يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ

بَدَأَ بحبه إيَّاهُم ثمَّ بحبهم لَهُ ثمَّ وصف أَخْلَاقهم وشمائلهم فَقَالَ {أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين} الْآيَة

وَإِذا فتح الله قلب عبد وأشرق النُّور فِي صَدره وانتبه من غفلته فمحال أَن لَا يَجِيش صَدره بحب مَوْلَاهُ حَتَّى ينسى فِي حبه حب كل مَذْكُور ويلهو عَن كل شَيْء سواهُ كَمَا قَالَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ حق على من عرفه أَن يُنكر كل شَيْء سواهُ

وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يبلغ أحدكُم ذرْوَة الْإِيمَان حَتَّى يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>