للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأهل الْيَقِين بِنور بصائرهم نفذوا من الْأَسْبَاب إِلَى وَليهَا بِحَيْثُ لَا تقدر الْأَسْبَاب أَن تصير فتْنَة عَلَيْهِم فهم يعْملُونَ فِي الْأَسْبَاب مَعَ وَليهَا يزرعون وينتظرون رحمتن فَإِذا أزكى قَالُوا هَذَا من فضلك ورحمتك ويتجرون يَبْتَغُونَ الأرباح من فضل الله تَعَالَى فَإِذا تعذر عَلَيْهِم شَيْء سَأَلُوهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وابتغوا من فضل الله} واسألوا الله من فَضله

وَأهل الْغَفْلَة تعلّقت قُلُوبهم بالزراعات والحرف والتجارات وَمَا وضع لَهُم فِيهِ من التدبيرات فاليه ينظرُونَ وإياه يطْلبُونَ وَبِه يفتنون وَمن أَجله يعصون فالأسواق مَعْدن النوال ومظان الأرزاق وَهِي مملكة وَضعهَا الله تَعَالَى لأهل الدُّنْيَا يتداولون ملك الْأَشْيَاء فِيمَا بَينهم فترى الشَّيْء الْوَاحِد يَدُور ملكه فِي الْيَوْم الْوَاحِد على أَيدي المالكين مَرَّات وَالتَّدْبِير على المملكة الْأَعْلَى وَهِي الْعَرْش فملكة التداول فِي الْأَسْوَاق ومملكة تَدْبِير التداول هِيَ الْعَرْش والسوق رَحْمَة من الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ دبره معاشا لخلقه يدر عَلَيْهِم مِنْهَا حوائجهم لَيْلًا وَنَهَارًا وشتاء وصيفا ونقلا من بلد إِلَى بلد لتَكون الْأَشْيَاء كلهَا مَوْجُودَة فِي الْأَيْدِي عِنْد الْحَاجة إِلَيْهَا قَالَ تَعَالَى وَقدر فِيهَا أقواتها

وَجعل الذَّهَب وَالْفِضَّة أَثمَان كل شَيْء وَمَا سواهَا عرضا وَصرف أَرْزَاقهم إِلَى مثل هَذِه الأرباح وَصرف بِوُجُوهِهِمْ للطلب إِلَى مطَالب الْكسْب لتَكون الْأَسْوَاق قَائِمَة وَالتَّدْبِير جَارِيا والمعاش نظاما وَجعل الْحَرْف والصنائع بَعْضهَا مُتَعَلقَة بِالْبَعْضِ ينْتَفع هَذَا بصنعة ذَاك وَذَاكَ بصنعة هَذَا وَلَو لم يكن هَكَذَا لَكَانَ الْوَاحِد يحْتَاج إِلَى آلَة جَمِيع الْحَرْف وَإِلَى تعلم كل حِرْفَة فِي الأَرْض فيصيرون عجزة وأسواقهم

<<  <  ج: ص:  >  >>