هَذِه الْكَلِمَات الَّتِي ذكرهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسخ لأفعال أهل السُّوق لِأَن قُلُوبهم قد وَله بَعْضهَا إِلَى بعض فِي النَّفْع والضر فَإِذا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله كَانَ نسخا لوله قُلُوبهم وَإِذا قَالَ وَحده لَا شريك لَهُ يكون نسخا لما تعلّقت قُلُوبهم بَعْضهَا بِبَعْض فِي نوال أَو مَعْرُوف أَو رَجَاء نفع أَو خوف ضرّ وَقَوله لَهُ الْملك وَله الْحَمد نسخ لما يرَوْنَ من صنع أَيْديهم وتصرفهم فِي الْأُمُور بتحمل بَعضهم بذلك إِلَى بعض وَقَوله يحيي وَيُمِيت نسخ لحركاتهم وَمَا يرجون فِي أسواقهم للتبايع أحياهم حَتَّى انتشرت الحركات ويميتهم فَلَا يبْقى متحرك وَقَوله وَهُوَ حَيّ لَا يَمُوت نفى عَنهُ مَا ينْسب إِلَى المخلوقين من الْمَوْت وَقَوله بِيَدِهِ الْخَيْر أَي هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي تطلبونها من الْخَيْر فِي الْأَسْوَاق وَهُوَ على كل شَيْء قدير
وَمثل أهل التَّخْلِيط والغفلة فِي الْأَسْوَاق كَمثل الذبان والهمج يجتمعن على مزبلة يتطايرن فِيهَا على ألوان القاذورات فيقعن على ضروب مَا هُنَاكَ فَعمد رجل إِلَى مكنسة ذَات شعوب وَقُوَّة فكنس هَذِه المزبلة فجرفها فِي الْوَادي فَإِذا الْبقْعَة نظيفة وصاحبها معجب بهَا فالناطق بِهَذِهِ الْكَلِمَات وجد أسواقا مشحونة بِالْكَذِبِ وَالْفُحْش والخيانة وَالظُّلم والعدوان والأيمان الكاذبة والمكاسب الرَّديئَة قد هَزَمَهُمْ الْعَدو وهم على شرف حريق ونزول عَذَاب فَنَطَقَ بِهَذِهِ الْكَلِمَات وَرمى بالمزابل فِي وَجه الْعَدو وطهر الْأَسْوَاق مِنْهُم وأطفأ نائره سخط الله تَعَالَى وَستر مساوىء أهل السُّوق وَنفى ظلمتهم وطهر أرجاسهم فاستوجب من الله تَعَالَى من الثَّوَاب مَا أَشَارَ إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute