قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أذْنب العَبْد نكتت فِي قلبه نُكْتَة سَوْدَاء فَإِذا عَاد نكتت أُخْرَى فَإِذا تَابَ صقل قلبه فَذَهَبت النُّكْتَة وَصَارَت كالمرآة تتلألأ وَمن هَهُنَا قَالَ الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ إِذا أحب الله عبدا لم يضرّهُ ذَنبه حَدثنَا بذلك عبد الله بن الوضاح النَّخعِيّ قَالَ حَدثنَا ابْن يمَان عَن سُفْيَان عَن عَاصِم الْأَحول عَن الشّعبِيّ وَاعْتبر بِهَذِهِ الرأفة وَالرَّحْمَة الَّتِي وَضعهَا فِي الْآبَاء والأمهات ثمَّ تراهم كَيفَ مَحل أَوْلَادهم مِنْهُم فِي مَحل البطالة وَالْفساد من الرَّحْمَة عَلَيْهِم والشفقة والرفق بهم والتأني والانتظار والاحتراق عَلَيْهِم مِمَّا يخَافُونَ عَلَيْهِم من الوبال وفرحهم بِالتَّوْبَةِ إِذا هم تَابُوا إِلَى الله تَعَالَى فَاعْتبر بِهَذِهِ الرأفة الَّتِي فِي جَمِيع الْأُمَّهَات والآباء لَو جمعهَا فوضعها فِي أم وَاحِدَة أَو أَب وَاحِد لولد وَاحِد لَكَانَ لَا يتَرَاءَى لَهُ فَسَاد هَذَا الْوَلَد وسيئ عمله من عَظِيم الشَّفَقَة عَلَيْهِ والمحبة لَهُ وَكَانَ ذَلِك ساترا لَهُ فَكيف بالخالق الْبَارِي الْمَاجِد الْكَرِيم الْبر الرَّحِيم الَّذِي يدق جَمِيع رأفة أهل الدُّنْيَا ورحمتهم جنب رَحْمَة من الْمِائَة المخلوقة ثمَّ مَاذَا تكون تِلْكَ فِي جنب الرَّحْمَة الْعُظْمَى الَّتِي شملت كل الْخَيْر للعبيد فَهَذَا العَبْد الْمُؤمن لَهُ كل هَذَا الْحَظ فَإِذا تَابَ صَار فِي كنفه وَهُوَ فِي الأَصْل حَبِيبه فَيدق ذنُوبه فِي جنب مَا لَهُ عِنْده من الرأفة وَالرَّحْمَة وَإِن الله تبَارك وَتَعَالَى اسْمه لما وَقعت خيرته وجبايته على عبد من عبيده ثمَّ أخرجه امهِ إِلَى الدُّنْيَا فَأَدْرَكته الْهِدَايَة بِمَا سبقت لَهُ من الجباية وَكتب عَلَيْهِ هَذَا الذَّنب أَنه سيصيبه لَا محَالة فَلَمَّا أَصَابَهُ لم يتْركهُ حيران فَلم يغلق عَنهُ بَاب التَّوْبَة وتكرم على أَن يرجع إِلَيْهِ عَبده صدق الرُّجُوع أَن لَا يقبله وَإِذا قبله صَار كمن لَا ذَنْب لَهُ فِي معنى الْقبُول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute