كَمَا قدره وَدبره مرّة سقم وَمرَّة صِحَة وَمرَّة غنى وَمرَّة فقر وَمرَّة عز وَمرَّة ذل وَمرَّة مَحْبُوب وَمرَّة مَكْرُوه فأحوال الدُّنْيَا تتداوله لَا يَنْفَكّ من تَدْبيره وقضائه وَالْعَبْد يُرِيد مَا وَافقه واشتهاه وتدبير الله تَعَالَى فِيهِ غير ذَلِك فَإِذا رَاض نَفسه وقمعها وخشعت لله تَعَالَى بِمَا أريده من نور الْيَقِين حسن خلقه واستقام قلبه وَترك جَمِيع مشيئآته لمشيئته ينْتَظر مَا يبرز لَهُ من تَدْبيره فِي جَمِيع أَحْوَاله فيتلقاه بهشاشة قلب وَطيب نفس فَهَذَا حسن الْخلق فمحله فِي أعالي الدَّرَجَات وَسُوء الْخلق حجاب بَين العَبْد وَبَين ربه لِأَنَّهُ من نفس شهوانية وَالنَّفس مَا لم تمت شهوتها لَا تنقاد للحق وَلَا يتَخَلَّص الْقلب من مخاليبها وَلَا يبرأ الْإِيمَان من سقمه
قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث الرُّؤْيَا (رَأَيْت رجلا من أمتِي جاثيا على رُكْبَتَيْهِ وَبَينه وَبَين الله تَعَالَى حجاب فَجَاءَهُ حسن خلقه فَأدْخلهُ على الله تَعَالَى)
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أوحى الله إِلَى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام يَا إِبْرَاهِيم حسن خلقك وَلَو مَعَ الْكفَّار تدخل مدَاخِل الْأَبْرَار فَإِن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أَن أظلهُ فِي عَرْشِي وَأَن أسْكنهُ فِي حَظِيرَة قدسي وَأَن أدنيه من جواري)