الخدم وَالدَّوَاب والمراكب والكنوز على قدر ولَايَته لينفق فِي إمارته فَمن أَمر على مجارستان فَهُوَ أقل حظا من هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي وَصفنَا وَمن أَمر على خُرَاسَان كَانَت حَاجته إِلَى مَا ذكرنَا أَكثر وَمن كَانَ أَمِير الْمُؤمنِينَ يحْتَاج إِلَى كنز عَظِيم وَمن ملك الْمشرق وَالْمغْرب احْتَاجَ إِلَى خَزَائِن الْأَمْوَال حَتَّى يضْبط بهَا ذَلِك الْملك فَكَذَلِك كل رَسُول بعث إِلَى قوم أعطي من كنز التَّوْحِيد وجواهر الْمعرفَة على قدر مَا حمل من الرسَالَة فالمرسل إِلَى قومه فِي نَاحيَة من الأَرْض إِنَّمَا يعْطى من النُّبُوَّة والكنوز على قدر مَا يقوم بِهِ من شَأْن نبوته ورعاية قومه والمرسل إِلَى جَمِيع أهل الأَرْض كَافَّة إنسها وجنها صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعطي من الْمعرفَة بِقدر مَا يقوم بهَا فِي شَأْن النُّبُوَّة إِلَى جَمِيع أهل الأَرْض كَافَّة فحظنا من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعثت إِلَى الْأَحْمَر وَالْأسود وَقَوله تَعَالَى لَهُ {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس} كحظه من ولَايَة ملك يملك الدُّنْيَا وجواهر شرقها وغربها وَمَا بَينهمَا وَمن ملك الأَرْض كلهَا جواهرها ومعادنها وَمن ملك نَاحيَة من الأَرْض لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَعْدن ناحيته وجوهر ذَلِك الْمَعْدن فَلذَلِك قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اختصر لي الْكَلَام وَأُوتِيت جَوَامِع الْكَلم)
وَلذَلِك صَار كِتَابه مهيمنا على الْكتب وَصَارَ الْقُرْآن الْكَرِيم مُشْتَمِلًا على التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَالْفرْقَان وَبَقِي الْمفصل نَافِلَة لهَذِهِ الْأمة خَاصَّة وأوحي إِلَيْهِ بِالْعَرَبِيَّةِ الَّتِي برزت على سَائِر اللُّغَات بالاتساع وَهِي لِسَان أهل الْجنَّة وَلما أعطي الرسَالَة إِلَى الكافة أعطي من الْكُنُوز