للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَيْء مَال الْجَسَد إِلَى مَا مَال إِلَيْهِ الْقلب فالإيمان يشدد عقد الْقلب ويؤكد عزمه وَيُقَوِّي ضَمِيره وَالْأَمَانَة فِي الْإِيمَان بِمَنْزِلَة الْعِمَاد فَإِذا وَهن الْعِمَاد يتضع صَاحبه بسقم الْإِيمَان وَذهب بقوته فَإِذا جَاءَت الْخِيَانَة رفعت الْأَمَانَة لِأَنَّهَا ضدها وَلنْ يجتمعا وَإِذا رفعت الْأَمَانَة سقم الْإِيمَان

قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَا سُلَيْمَان قل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك صِحَة فِي إِيمَان وإيمانا فِي حسن خلق ونجاحا يتبعهُ فلاح)

وَالْإِيمَان عَطِيَّة من الْمِنَّة وَالْأَمَانَة فِي الْإِيمَان هَدِيَّة من الْجُود فَإِذا ضَاعَت الْهَدِيَّة ذهب بهاء الْعَطِيَّة افْتقدَ صَاحبه زينته وحلاوته ولذاذته وذبلت النَّفس واستراحت وَإِذا ذهب بهَا الشَّيْء وثقلت عَن الْمُحَافظَة عَلَيْهَا وَذهب قُوَّة الْقلب لذبول النَّفس وثقلها فَحلت الْخِيَانَة محلهَا والخيانة فِي اللُّغَة كل شَيْء يعْمل من وَرَاء وَهِي مكر النَّفس فَإِنَّهَا لما لم تقدر على أَن تسْتَقْبل الْقلب صبرا بِالَّذِي هويت من الْمعْصِيَة أسرته من الْقلب والتمست الْغرَّة والغفلة من الْقلب فأوجدته اللَّذَّة الَّتِي وجدت فاستولت على الْقلب بسُلْطَان اللَّذَّة فِي وَقت غفلته عَن الله تَعَالَى وَانْقِطَاع المدد من رأفة الله تَعَالَى وإقباله عَلَيْهِ بِأَسْبَاب الْعِصْمَة فأمكنته أسره إِيَّاهَا لِأَن الْقلب أَضْعَف مَا يكون فِي وَقت الْغَفْلَة فتوجده شرا ومكرا تخادعه بهَا وتزين لَهُ وتموه عَلَيْهِ

وَالْأَمَانَة قرينها الْيَقِين وَإِنَّمَا ضَاعَت من قبل النَّفس وَلَيْسَ شَيْء أعز من الْيَقِين وَلَا أقل مِنْهُ وَإِذا عز الْيَقِين وَقل كثر الشَّك وتذبذب الْقلب وإرتحلت الْأَمَانَة إِلَى المبدأ وحلت الْخِيَانَة محلهَا فَكيف ينْتَفع العَبْد بِإِيمَان فِي جَوْفه الْخِيَانَة مَكَان الْأَمَانَة كَمَا كَانَ الْيَقِين علاوته فَمَا ظَنك

<<  <  ج: ص:  >  >>