من الْأَوْقَات كلهَا وَهُوَ العبودة فِي كل نفس فأجمل الله تَعَالَى بعطفه وَكَرمه للعباد أمرا أجمل بِهِ العبودة كي إِذا فَعَلُوهَا استكملوا الدَّهْر كُله عبودة فدلهم لعبودتهم فِي النَّهَار على رَكْعَتي الضُّحَى بعد أَدَاء الْفَرَائِض وَاجْتنَاب الْمَحَارِم فَإِذا أدّى الْمَفْرُوضَة من صَلَاة الْفجْر انْتظر طُلُوع الشَّمْس وَتَحْلِيل الصَّلَاة فَإِذا أضحت صلى رَكْعَتَيْنِ على سَبْعَة أَجزَاء بِسبع جوارح مقسومة هَذِه الْأَجْزَاء بِمَا ضمنت وحشيت على ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ جُزْءا ليخرج إِلَى الله من صَدَقَة النَّفس
وَذَلِكَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن على كل آدَمِيّ ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ سلامى على كل سلامى مِنْهَا صَدَقَة وركعتي الضُّحَى تجزيك من هَذَا كُله)
فَهَذَا صَلَاة يَوْمه للعبودة
وَأما صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر فالحسنة بِعشْرَة أَمْثَالهَا فصوم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر يعدل ثَلَاثِينَ يَوْمًا فقد صَار العَبْد بِهَذَا صَائِما فِي جَمِيع عمره وبركعتي الضُّحَى قَائِما بِهَذَا فِي نَهَاره كُله
فَأَما فِي ليله فالفوز بِصَلَاة الْوتر فَإِذا كَانَ صَائِما قَائِما فِي نَهَاره وبوتره فائزا فقد اسْتكْمل الزَّمَان كُله فَهَذِهِ دلَالَة الله لأهل السَّعَادَة على مَا بِهِ يستكملون العبودة بعد أَدَاء الْفَرَائِض وَاجْتنَاب الْمَحَارِم فَمن داوم على هَذَا كَانَ اسْمه فِي ديوَان الصائمين القائمين الفائزين وَهُوَ طاعم وشارب ونائم ليعلم يسر الله تَعَالَى لهَذِهِ الْأمة وَرفع الْحَرج عَنْهُم فِي دينه وسماحته فِيمَا اقتضاهم مِمَّا لَهُ خلقهمْ فالوتر مَحْبُوب الله تَعَالَى فِيمَا خلق من الْأَشْيَاء وَقد كتب عَلَيْهِم الْخمس المفروضات