للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْقلب نادم الْقلب مرتعد الْفُؤَاد حاسر الْقدَم مستحييا من الرب مغْفُور لَهُ أَو معذب

قَوْله ابتشر ببشيره الْبُشْرَى خبر عَن الْغَيْب فَإِن العَبْد فِي دَار المحنة والبلوى متعرض للآفات ممزوج بهَا مسئول عَن الشُّكْر عَلَيْهَا وَمُقْتَضى لِلْبَصَرِ على مزاجها من الْآفَات وَهُوَ فِيمَا بَين ذَلِك لَا يدْرِي مَا يظْهر لَهُ من غيب الله غَدا وَالْخَيْر كائنه فأيد الله الْمُؤمنِينَ بخطاه وبشرهم بِخَبَر نفى حيرتهم حَتَّى قويت الْقُلُوب واطمأنت النُّفُوس وتخلص الْقلب من وساوسها وَصَارَ حرا مَالِكًا قوي الْقلب وانتشر السرُور فِي الصَّدْر فنضرت الْوُجُوه وَتلك النضرة تورث الْبشر قَالَ الله تَعَالَى {ولقاهم نَضرة وسرورا} نَضرة فِي الْوُجُوه وسرورا فِي الْقلب

فالسرور يفِيض الْقلب من الْفَرح الَّذِي حل بِالنَّفسِ فالفرح فِي النَّفس وَالسُّرُور تولده فِي الْقلب وانتشاره فِي الصَّدْر ثمَّ يتَأَدَّى ذَلِك من مجمع الْعُرُوق الَّذِي على الْقلب إِلَى الْعُرُوق الَّتِي فِي الْوُجُوه فَتَشرب جلده الْوُجُوه من ذَلِك بِمَنْزِلَة شَجَرَة شربت عروقها من المَاء فِي أَصْلهَا فأدت عروقها إِلَى الأوراق فنضرت فَإِذا كَانَ كَذَلِك على أَن فِي الْبَاطِن خَبرا سارا فَعمل ذَلِك الْكَلَام فِي قلبه وصدره حَتَّى اخْتَلَط بِذَاتِهِ فاختلط بسمعه وَشمه وبصره ومخه وَجَمِيع جوارحه وَهَذَا لمن اسْتمع قلبه إِلَى خطابه بأذني قلبه فاستقر فِيهِ علم ذَلِك وَورد الْعقل على قلبه بنهاء ذَلِك الْخطاب والفهم بمكنون لطائفه والفطنة بكشف الغطاء عَن صور تِلْكَ اللطائف فطابت النَّفس بذلك وازدهرت وأينعت عَن الذبول والخمول فَمن كَانَ بِهَذِهِ الصّفة فقد ابتشر بالبشرى

<<  <  ج: ص:  >  >>