أَن الْعَرَب أبعد الْأُمَم عَن سياسة الْملك وَذَلِكَ لأمرين
أَحدهمَا أَن خلق توحشهم مُوجب لصعوبة انقياد بَعضهم إِلَى الْبَعْض وَرَئِيسهمْ لمَكَان ذَلِك يضْطَر لمجاملتهم بِإِحْسَان الملكة وَترك المراغمة وَإِلَّا أختل عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم شَأْن العصبية الَّتِي بهَا الطّلب والدفاع وسياسة الْملك لابد فِيهَا من قهر الْوَازِع بهَا وَإِلَّا لم تجر على إستقامة الْملك فِيهَا
الثَّانِي أَن من طبيعتهم كَمَا سلف اقتصارهم على مَا بأيدي النَّاس من غير الْتِفَات لما وَرَاء ذَلِك من وُجُوه الرّعية لَهُم وَذَلِكَ منَاف للسياسة وعائد بخراب الْعمرَان وَحِينَئِذٍ فَظَاهر أَنهم بالطبع أبعد الْخلق عَن سياسة الْملك وَإِنَّمَا يَمرونَ إِلَيْهَا بعد انقلاب طاعتهم بصبغة دينية يكون بهَا الْوَازِع من النَّفس