الشدَّة الثَّانِيَة
المجاعة والغلاء والتوجه إِلَى الله تَعَالَى برحمة الْمُحْتَاج إِلَى الصَّدَقَة من أعظم مَا تنفتح بِهِ أَبْوَاب الْفرج مِنْهَا لقَوْله تَعَالَى {إِن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ} وَفِي الحَدِيث من كَانَ فِي حَاجَة أَخِيه كَانَ الله فِي حَاجته وَكَانَ الله فِي عون العَبْد مَا كَانَ العَبْد فِي عون أَخِيه
قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو سعيد وَمن خطة نقلت فَإِذا كَانَ فِي حَاجَة الْمَسَاكِين كَانَ الله فِي حَاجته وعونه فكشف عَنهُ كربه
قَالَ وَمن هُنَا سميت الصَّدَقَة فراجة الكرب
قلت وأبلغ من هَذَا فِي الرَّحْمَة لَهُم حَال هَذِه الشدَّة مساهمتهم فِي مس الْبلوى بهَا ليتذكر إِلَيْهِم ويستدعي بِهِ رَحْمَة الْمولى الرَّحِيم كَمَا يرْوى أَن يُوسُف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما ملك خَزَائِن الأَرْض كَانَ يجوع وَيَأْكُل خبز الشّعير وَكَانَ قبل ذَلِك لَا يَأْكُلهُ فاستنكره بَطْنه فَضَربهُ بِيَدِهِ وَقَالَ هُوَ الله مَا ترى حَتَّى يُوسع الله على الْمُسلمين
فَائِدَة فِي تَنْبِيه لَا خَفَاء أَن الْقَحْط من أَسبَاب هَذِه الشدَّة وَعند ذَلِك فَمن أنجح مَا تستمطر بِهِ سحب الْغَمَام خضوع السُّلْطَان لله تَعَالَى وتذلله بَين يَدَيْهِ كَمَا يحْكى أَنه قحط النَّاس بقرطبة فِي آخر مُدَّة النَّاصِر من خلفاء بني أُميَّة فَأمر القَاضِي منذرا بالبروز إِلَى الاسْتِسْقَاء فتأهب أَيَّامًا إنابة وَرَهْبَة وَاجْتمعَ النَّاس فِي مصلى الربض بارزين إِلَى الله تَعَالَى فِي جمع عَظِيم وَصعد الْخَلِيفَة فِي أَعلَى مصانع الْقصر المشرفة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute