البداوة حَدهمْ فِي التغلب فغلبوهم على مَا فِي أَيْديهم وانتزعوه مِنْهُم قَالَ وَكَذَا كل حَيّ من الْعَرَب يَلِي نعيما وعشيا خصيبا دون الْحَيّ الآخر فالمصاحب لبداوته أغلب لَهُ وأقدر عَلَيْهِ إِذا تكافأ فِي الْقُدْرَة وَالْعدَد سنة الله فِي خلقه
السَّابِقَة الْخَامِسَة عشرَة
إِن الْعَرَب لَا يتغلبون إِلَّا على البسائط لِأَن من طبيعة توحشهم نهب من قدرُوا عَلَيْهِ من غير مغالبة وَلَا ركُوب خطر ثمَّ فرارهم بِهِ إِلَى منتجعهم بالقفر وَلَا قصد لَهُم بالمحاربة إِلَّا عِنْد الدفاع بهَا عَن أنفسهم وَعند ذَلِك فَكل مَا صَعب عَلَيْهِم من المعاقل والهضاب فهم تاركوه إِلَى مَا سهل من البسائط والبطاح فَلَا يزالون يرددون عَلَيْهَا الْغَارة خُصُوصا عِنْد فقد حاميتها حَتَّى يصير أَهلهَا كالمستعبدين لَهُم إِلَى أَن ينقرض عمرانهم بِسوء الملكة وَفَسَاد النظام
السَّابِقَة السَّادِسَة عشرَة
إِنَّهُم إِذا تغلبُوا على الأوطان أسْرع إِلَيْهَا الخراب وَذَلِكَ طبيعة توحشهم منافرة للعمران من وُجُوه
أَحدهمَا أَن استحكام عوائدها صَار لَهُم خلقا مُوَافقا لأهوائهم لما فِيهِ من الْخُرُوج عَن ربقة الحكم وَعدم المراعاة للسياسة ومنافاة ذَلِك للعمران وَاضِحَة