الْخَوَارِج وَغَيرهم كَمَا وَقع بعمر وَعلي وَمُعَاوِيَة وَعَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُم وبغيرهم من بعدهمْ مُنْضَمًّا إِلَى مَا فِي فَتحه من تزاحم النَّاس على بَاب السُّلْطَان وشغله بهم عَن الْمُهِمَّات وَاتَّخذُوا من يقوم بذلك وسموه بالحاجب
قلت وَعند وجود الْمُقْتَضِي لاتخاذه يكون مَشْرُوعا مَعَ أَن عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ يُوكل غُلَاما بِبَابِهِ لَا ليدفع ذَوي الْحَاجَات عَنهُ إهمالا لَهُم وإطراحا بل لما هُوَ مَأْذُون فِيهِ مِمَّا لَا تخفى صِحَة الْقَصْد إِلَيْهِ
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة
لهَذِهِ الْمرتبَة فِي الدول الشهيرة تفَاوت كثير فِي الْعِنَايَة بهَا أما فِي دولة بني أُميَّة وَبني الْعَبَّاس بالمشرق فاقتصروا بهَا على من يحجب السُّلْطَان عَن الْعَامَّة ويغلق بَابه دونهم أَو يَفْتَحهُ لَهُم على قدره وَفِي وقته فَكَانَت بذلك مرؤوسة للخطط النبيهة خُصُوصا للوزارة لتصرفها فِيهَا بِمَا يرَاهُ
قَالَ ابْن خلدون وَإِلَى هَذَا الْعَهْد فَهِيَ بِمصْر مرؤوسة لصَاحب هَذِه الخطة الْعليا الْمُسَمّى بالناشب وَأما فِي الدولة الأموية بالأندلس فَكَانَت لمن يَحْجُبهُ عَن الْخَاصَّة والعامة وَيكون وَاسِطَة بَينه وَبَين الوزراء فَمن دونهم فَلَا جرم كَانَت عِنْدهم أرفع الْمَرَاتِب وأبعدها غَايَة وَعند ظُهُور الاستبداد على الدولة اخْتصَّ المستبد باسم الحجابة لشرفها كالمنصور بن أبي عَامر وابنيه من بعده ثمَّ بعد انْتِهَاء الْأَمر إِلَى مُلُوك الطوائف وانتحالهم ألقاب