الْفَصْل الرَّابِع فِي اكْتِسَاب الْعُلُوم
وَفِيه مسَائِل جملَة نلخص مِنْهَا مَا يَلِيق بالموضع ويكمل قَصده وغرضه
الْمَسْأَلَة الأولى أَن الْعلم والتعليم طبيعي فِي الْعمرَان البشري لَان الانسان إِنَّمَا يتَمَيَّز عَن سَائِر الْحَيَوَان بالفكر المهتدى بِهِ لصلاح دينه ودنياه وَذَلِكَ بِتَصْدِيق الْأَنْبِيَاء وتعاوه بابناء جنسه وترديده فِي ذَلِك دَائِما إِذْ لَا يفتر عَنهُ طرفَة عين فتنشأ الْعُلُوم والصنائع ثمَّ لأجل مَا جبل عَلَيْهِ من ذَلِك يرغب فِي تَحْصِيل مَا لَيْسَ عِنْده من المدركات فؤرجع إِلَى من سبقه بِهِ أَو اخذه عَن نَبِي مشافهة أَو بِوَاسِطَة فيتلقى ذَلِك عَنهُ ويحرص على استفادته مِنْهُ ثمَّ أَن فكره فِي ذَلِك يتَوَجَّه إِلَى وَاحِد من الْحَقَائِق نَاظرا فِي عوارضه الذاتية حَتَّى يصير الحاقها بِهِ ملكة لَهُ وَعلمه بذلك علما مَخْصُوصًا تتشوف نفوس الجيل الثَّانِي تَحْصِيله بِالرُّجُوعِ إِلَى ذَوي الخصوصية بِهِ وَيَجِيء التَّعْلِيم لَا محَالة
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة أَن تَعْلِيم الْعلم من جملَة الصَّنَائِع لامرين
أَحدهَا أَن الملكة فِي الْعلم غير الْفَهم فِيهِ لوُجُود فهم مَسْأَلَة وَاحِدَة من فن وَاحِد مُشْتَركا بَين الشادي فِي ذَلِك الْفَنّ والمبتدي فِيهِ وَبَين الْعَاميّ والعالم النحرير والملكة إِنَّمَا هِيَ للْعَالم أَو الشادي فَقَط وَلما كَانَت الملكات كلهَا جسمانية والجسمانيات بأسرها محسوسة فيفتقر إِلَى التَّعْلِيم ضَرُورَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute