للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الْعَجَائِب بايهام قلب الاعيان وتعود الْمَشْي على الخيوط وَرفع الاثقال وَغير ذَلِك من الصَّنَائِع الَّتِي لَا وجود لَهَا فِي الْمغرب لنُقْصَان عمرانه عَن عمرَان تِلْكَ الديار

الْمَسْأَلَة الثَّلَاثُونَ أَن الصَّنَائِع تكسب صَاحبهَا عقلا وخصوصا الْكِتَابَة والحساب وَذَلِكَ لِأَن خُرُوج النَّفس الناطقة للْإنْسَان من الْقُوَّة إِلَى الْفِعْل إِنَّمَا هُوَ بتجدد الْعُلُوم والادراكات من المحسوسات اولا ثمَّ تكتسب القوى النظرية إِلَى أَن يصير ادراكا بِالْفِعْلِ وعقلا مخصا وَهُوَ كَمَال وجودهَا وجسدها فيجدها لذَلِك أَن كل نوع من الْعلم وَالنَّظَر يفيدها عقلا فريدا والصنائع بِلَا شكّ يحصل عَنْهَا وَعَن ملكتها قانون علمي مُسْتَفَاد من تِلْكَ الملكة فيزيد عقلا لَا محَالة

قلت هُوَ معنى قَول افلاطون الصناعات متممة لقوى النَّفس والاعضاء هِيَ تعين النَّفس على مَا لَا تصل اليه إِلَّا بأعضاء الْجَسَد

تَنْزِيل قَالَ وَالْكِتَابَة من بَينهَا اكثر افادة لذَلِك لاشتمالها على عُلُوم وانظار دون غَيرهَا وَهِي الانتقام من صور الْحُرُوف الخطية إِلَى الْكَلِمَات اللفظية فِي الْخِيَار وَمِنْهَا إِلَى الْمعَانِي الَّتِي فِي النَّفس فَيحصل لَهَا ملكة الِانْتِقَال من الْأَدِلَّة إِلَى المدلولات وَهِي ملكة من التعقل تفِيد كَمَال عقل ومزيد فطنة وصناعة الْحساب لاحقة بذلك لاحتياج تصرفها فِي الْعدَد باضلم والتفريق إِلَى اسْتِدْلَال كَبِير فَيبقى صَاحبهَا متعودا للاستدلال وَالنَّظَر وَهُوَ معنى الْعقل {وَالله أخرجكم من بطُون أُمَّهَاتكُم لَا تعلمُونَ شَيْئا وَجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تشكرون}

<<  <  ج: ص:  >  >>