فِي اعتقاله يشاوره فِي هدم الإيوان فَبعث إِلَيْهِ لَا تفعل فَقَالَ الرشيد لمن حَضَره فِي نَفسه الْمَجُوسِيَّة والحنو عَلَيْهَا وَالْمَنْع من إِزَالَة آثارها فشرع فِي هَدمه فَلَزِمته أَمْوَال لَا تحصى فَأمْسك وَكتب إِلَى يحي يُعلمهُ بذلك فَأجَاب أَن ينْفق فِي هَدمه مَا بلغ من الْأَمْوَال ويحرص على فعله فَعجب الرشيد من تنَافِي كَلَامه فِي أَوله وَآخره فَبعث إِلَيْهِ يسْأَله عَن ذَلِك فَقَالَ نعم أما مَا أَشرت إِلَيْهِ فِي الأول فَإِنِّي أردْت بِهِ بَقَاء الذّكر لأمة الْإِسْلَام وَبعد الصيت وَأَن يكون مَا يرد فِي الإعصار ويطر أَمن الْأُمَم فِي الْأَزْمَان يرى مثل هَذَا الْبُنيان الْعَظِيم فَيَقُول أَن أمة قهرت أمة هَذَا بنيانها فأزالت رسومها واحتوت على ملكهَا لأمة عَظِيمَة شَدِيدَة منيفة وَأما جوابي الثَّانِي فَإِنَّهُ أَخْبرنِي أَنه شرع فِي بعض هَدمه ثمَّ عجز عَنهُ فَأَرَدْت نفي الْعَجز عَن أمة الْإِسْلَام وَأَن لَا يَقُول من يَأْتِي فِي الإعصار أَن هَذِه الْأمة عجزت عَن هدم مَا بنته فَارس فَلَمَّا بلغ الرشيد ذَلِك من كَلَامه قَالَ قَاتله الله فَمَا سمعته قَالَ شَيْئا قطّ إِلَّا صدق وَأعْرض عَن هدم الإيوان
الْقَاعِدَة السَّادِسَة عشرَة
[الدهاء والتغافل]
وَفِيه نظران
النّظر الأول فِي الدهاء وَفِيه مسَائِل
الْمَسْأَلَة الأولى قَالَ الْمرَادِي هُوَ اسْم لوضع الْأُمُور فِي موَاضعهَا والكف عَمَّا لَا تقع فِيهِ انتظارا لما فِيهِ النَّفْع
قَالَ وَقد يُوقع على من كثرت حيلته وقويت فطنته وَكَانَ وُصُوله إِلَى أغراضه بألطف الْوُجُوه الَّتِي يُمكن التَّوَصُّل بهَا إِلَيْهَا فتراه أبدا كَأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute