أبله وَهُوَ متباله يُحْصى دقائق الْأُمُور وَيُدبر لطيفات الْحِيَل فَلَا ينْطق حَتَّى يجد جَوَابا مسكنا أَو خطابا معجزا وَلَا يفعل حَتَّى يرى فرْصَة حَاضِرَة ومضرة غَائِبَة فعدوه مغتر بعدواته ومقدر عَلَيْهِ الْغَفْلَة والبله بغوايته وَهُوَ مثل النَّار الكامنة فِي الرماد والصوارم المكنونة فِي الأغماد
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة لَا شكّ فِي فَضِيلَة الدهاء بِهَذَا التَّفْسِير لدلالته على فضل الْعقل وذكاء فطنته وَقد قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لن يُقيم أَمر النَّاس إِلَّا امْرُؤ حصيف الْعقْدَة بعيد الْغَوْر لَا يطلع النَّاس مِنْهُ على عَورَة وَلَا يخَاف فِي الله لومة لاءم وَأَن فسر بالجزيرة وَهِي الخديعة الَّتِي هِيَ طرف الإفراط فِيهِ كَمَا تقدم فَلَا خَفَاء بذمه لما يخَاف من غوائله وَسُوء عواقبه
قَالَ ابْن خلدون الْكيس والذكاء عيب فِي صَاحب السياسة لِأَنَّهُ إفراط فِي الْفِكر كإفراط البلادة فِي الجمود والطرفان مذمومان والمحمود هُوَ التَّوَسُّط كَمَا فِي سَائِر الصِّفَات الإنسانية قَالَ وَلِهَذَا يُوصف الشَّديد الْكيس بِصِفَات الشَّيْطَان فَيُقَال شَيْطَان ومتشيطن ثمَّ استظهر على ذَلِك بقضية عزل عمر رَضِي الله عَنهُ زيادا عَن الْعرَاق وفيهَا أَن زيادا قَالَ لم عزلتي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ألعجز أم لخيانة فَقَالَ عمر لم أعزلك لوَاحِدَة مِنْهُمَا وَلَكِن كرهت أَن أحمل النَّاس فضل عقلك
الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة من الْكَلِمَات الْحكمِيَّة فِي الْقدر الْمَحْمُود من هَذَا الْوَصْف
الْعَاقِل يغْفل غَفلَة الآمن ويتحفظ تحفظ الْخَائِف
الدهاء تجرع الغصة وتوقع الفرصة
الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة من الْمَنْقُول فِي أَخْبَار ذَوي الفطنة من الْمُلُوك حكايتان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute