وليضرع إِلَى الله فِي صلَة توفيقه وإمدامه بتسديده مَخَافَة وُقُوعه فِي الْغَلَط المضر بِبدنِهِ وعقله وأدبه فَإِنَّهُ إِن ظن مِنْكُم ظان أَو قَالَ قَائِل أَن الَّذِي برز من جميل صَنعته وَقُوَّة حركته إِنَّمَا هُوَ بِفضل حيلته وَحسن تَدْبيره فقد تعرض بظنه أَو مقَالَته إِلَى أَن يكله الله عز وَجل إِلَى نَفسه فَيصير مِنْهَا إِلَى غير كَاف وَذَلِكَ على من تَأمله غير خَافَ وَلَا يقل أحد مِنْكُم أَنه أبْصر بالأمور وأحمل لعبء التَّدْبِير من مرافقه فِي صناعته ومصاحبه فِي خدمته فَإِن أَعقل الرجلَيْن عِنْد ذَوي الْأَلْبَاب من رمى بالعجب وَرَاء ظَهره وَرَأى أَن صَاحبه أَعقل مِنْهُ وَأحمد فِي طَرِيقَته وعَلى كل وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ أَن يعرف فضل نعم الله جلّ ثَنَاؤُهُ من غير اغترار بِرَأْيهِ وَلَا تزكيه لنَفسِهِ وَلَا يكابر على أَخِيه أَو نَظِيره وَصَاحبه وعشيرته وَحمد الله وَأوجب على الْجَمِيع ذَلِك بالتواضع لعظمته والتذلل لعزته والتحدث بنعمته
وَأَنا أَقُول فِي كتابي هَذَا مَا سبق بِهِ الْمثل من تلْزمهُ النَّصِيحَة يلْزمه الْعَمَل وَهُوَ جَوْهَر الْكتاب وغرة كَلَامه بعد الَّذِي فِيهِ من ذكر الله عز وَجل فَلذَلِك جعلته آخِره وختمته بِهِ
تولانا الله وَإِيَّاكُم يَا معشر الطّلبَة والكتبة بِمَا يتَوَلَّى بِهِ من سبق علمه فِي إسعاده وإرشاده فَإِن ذَلِك إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله