يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لست أمدحك وَلَكِنِّي أَحْمد الله على النِّعْمَة بك قَالَ حَسبك قد بلغت وَقضى حَوَائِجه
قلت وَإِن كَانَ مُوجب هَذِه الْكَرَاهَة خوف الْغرُور بالمدح فَهُوَ من الْوَاجِب استحضاره وَكَذَا إِن علم من نَفسه تَقْصِيره عَمَّا مدح بِهِ
فَفِي الأفلاطونيات يَنْبَغِي للْملك أَن لَا يقبل من الْمَدْح إِلَّا مَا كَانَ مستشعرا لَهُ وَلَا يُطلق بِهِ إِلَّا أَلْسِنَة الثِّقَات عِنْده ويستحي عَن تَقْصِيره عَمَّا يلقى بِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ من الْقَبِيح أَن تسبق أَقْوَال عامته من حسن القَوْل إِلَى مَا لم يبلغهُ فعله من الْجَمِيل
التَّنْبِيه الثَّانِي على السُّلْطَان عِنْد سَماع مدحه أَو بُلُوغه إِلَيْهِ أَن يلْتَفت إِلَى عَكسه بِتَقْدِير زَوَال مَا بِيَدِهِ وَعند ذَلِك فليعمل على مَا يخلد لَهُ الثَّنَاء الْحسن دون مصانعة
قَالَ فِي العهود اليونانية وَأعلم أَن الْأَلْسِنَة محبوسة عَن ذكر معائبك مَا كنت فِي ظلّ أَمرك ونهيك فَإِذا زَالا رَجَعَ كل مَحْبُوس إِلَى حَقِيقَته فاجتنب الركون إِلَى مَا تَزْيِين مَا قبح مِنْهُ واستدرك فِي حِين سلطانك مَا يُنكر عَلَيْك فَإِن الرَّاجِع إِلَى الْحق أحد المصيبين
الْعَادة السَّادِسَة التهنئة بالمحبوب
وَمن بارع مَا روى مِنْهَا لَكِن مَعَ اقتران مَحْبُوب السُّلْطَان بمكروه غَيره أَن عبد الله بن الْأَهْتَم دخل على أُميَّة بن خَالِد بن أسيد لما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute