للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الموعظة الثَّانِيَة مَا فِي حِكَايَة الرجل الَّذِي سَمعه الْمَنْصُور وَهُوَ يطوف بِالْبَيْتِ آخر اللَّيْل يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْك ظُهُور الْبَغي وَالْفساد فِي الأَرْض وَمَا يُحَال بَين الْحق وَأَهله من الظُّلم والطمع فَسَأَلَهُ عَن مُرَاده بذلك فَقَالَ لَهُ ذَلِك الرجل الَّذِي دخله الطمع حَتَّى حَال بَينه وَبَين الْحق وَإِصْلَاح مَا ظهر من الْبَغي وَالْفساد أَنْت قَالَ لَهُ وَيحك وَكَيف يدخلني الطمع والصفراء والبيضاء على يَدي والحلو والحامض فِي قبضتي قَالَ وَهل دخل أحدا من الطمع مَا دَخلك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الله استرعاك أُمُور الْمُسلمين وأولهم فأغفلت أُمُورهم واهتممت بحمع أَمْوَالهم وَجعلت بَيْنك وَبينهمْ حِجَابا من الجير وَالْأَجْر وأبوابا من الْحَدِيد وحجبه مَعَهم السِّلَاح ثمَّ سجنت نَفسك فِيهَا عَنْهُم وَبعثت عمالك فِي جمع الْأَمْوَال وجبايتها واتخذت وزراء وأعوانا ظلمَة إِن نسيت لم يذكروك وَإِن ذكرت لم يعينوك وقويتهم على ظلم النَّاس بالأموال وَالسِّلَاح وَأمرت أَن لَا يدْخل عَلَيْك من النَّاس إِلَّا فلَان وَفُلَان نفر سميتهم وَلم تَأمر بإيصال الْمَظْلُوم وَلَا الملهوف وَلَا الجائع وَلَا العاري وَلَا الضَّعِيف الْفَقِير وَلَا أحد إِلَّا وَله فِي هَذَا المَال حق فَلَمَّا رآك هَؤُلَاءِ النَّفر الَّذين استخلصتهم لنَفسك وآثرتهم على رعيتك وأمرتهم أَلا يحجبوا عَنْك تَجِيء الْأَمْوَال وَلَا تقسمها قَالُوا هَذَا قد خَان الله فَمَا لنا لَا نخونه وَقد سخر لنا فأتمروا على أَن لَا يصل إِلَيْك من علم أَخْبَار النَّاس إِلَّا مَا أَرَادوا وَلَا يخرج لَك عَامل فيحالف لَهُم أمرا إِلَّا أقصوه حَتَّى تسْقط مَنْزِلَته ويصغر قدره فَلَمَّا انْتَشَر ذَلِك عَنْك وعنهم عظمهم النَّاس وهابوهم وَكَانَ أول من صانعهم عمالك بالهدايا وَالْأَمْوَال ليتقربوا بهَا على ظلم رعيتك ثمَّ فعل ذَلِك أهل الثروة وَالْقُدْرَة من رعيتك لينالوا ظلم من دونهم من الرّعية فامتلت بِلَاد الله تَعَالَى بالظلم بغيا وَفَسَاد اوصار هَؤُلَاءِ الْقَوْم شركاءك فِي سلطانك وَأَنت غافل فَإِن جَاءَ متظلم حيل بَينه وَبَين الدُّخُول وَإِن أَرَادَ رفع قصَّة إِلَيْك عِنْد ظهورك وَجدك قد نهيت عَن ذَلِك وَوضعت للنَّاس رجلا ينظر فِي مظالمهم فَإِن جَاءَ ذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>